أنا بشر بن محمد (1) أنا عبد الله بن المبارك أخبرني معمر ويونس عن الزهري أخبرني أبو سلمة - هو ابن عبد الرحمن بن عوف - ان عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته: (أن أبا بكر دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسجى ببرد حبرة - تعنى إذ مات عليه السلام - قالت: فكشف عن وجهه، ثم أكب عليه فقبله، ثم بكى وقال: بأبى أنت وأمي يا رسول الله) وذكر الحديث (2).
588 - مسألة - ويسجى الميت بثوب ويجعل على بطنه ما يمنع انتفاخه.
أما التسجية فلما ذكرناه في رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل ما فعل فيه صلى الله عليه وسلم فهو حق، لقوله تعالى: (والله يعصمك من الناس) وهذا عموم، لا يجوز تخصيصه إلا بنص.
وأما قولنا: يوضع (3) على بطنه فلقول الله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى).
وكل ما فيه رفق بالمسلم ودفع للمثلة عنه فهو بر وتقوى.
589 - مسألة - والصبر واجب، والبكاء مباح، ما لم يكن نوح، فان النوح حرام والصياح، وخمش الوجوه وضربها، وضرب الصدور، ونتف الشعر وحلقه للميت -: كل ذلك حرام، وكذلك الكلام المكروه الذي هو تسخط لاقدار الله تعالى، وشق الثياب.
حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا آدم ثنا شعبة ثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك قال: (مر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكى عند قبر، فقال: اتقى الله واصبري).
وبه إلى البخاري: نا محمد بن بشار نا غندر عن شعبة عن ثابت البناني قال سمعت أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنما الصبر عند الصدمة الأولى).
وبه إلى البخاري: نا الحسن بن عبد العزيز نا يحيى بن حسان حدثني قريش - هو ابن حيان (4) - عن ثابت البناني عن أنس قال: (دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على إبراهيم - هو ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله؟ فقال: يا ابن عوف، إنها رحمة، العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول الا ما يرضى ربنا، وانا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون)