قال أبو حنيفة ومالك والشافعي: يطعم عنه لكل يوم مسكين.
قال أبو محمد: هذا قول ظاهر الفساد، وما للاطعام مدخل في الاعتكاف.
وهم يعظمون خلاف الصاحب إذا وافق تقليدهم، وقد خالفوا ههنا عائشة وابن عباس، ولا يعرف لهما في ذلك مخالف من الصحابة رضى الله تعالى عنهم.
وقولهم في هذا قول لم يأت به قرآن ولا سنة صحيحة ولا سقيمة، ولاقول صاحب ولا قياس، بل هو مخالف لكل ذلك. وبالله تعالى التوفيق.
ومن عجائب الدنيا قول أبي حنيفة: من نذر اعتكاف شهر وهو مريض فلم يصح فلا شئ عليه، فلو نذر اعتكاف شهر وهو صحيح فلم يعش إثر نذره إلا عشرة أيام ومات فإنه يطعم عنه ثلاثون مسكينا، وقد لزمه اعتكاف شهر قال: فان نذر اعتكافا لزمه يوم بلا ليلة، فان قال على اعتكاف يومين لزمه يومان ومعهما ليلتان! (1) وقال أبو يوسف:
إن نذر اعتكاف ليلتين (2) فليس عليه إلا يومان وليلة واحدة، كما لو نذر اعتكاف يومين ولافرق.
فهل في التخليط أكثر من هذا؟ ونسأل الله العافية.
636 - مسألة - ومن نذر اعتكاف يوم أو أيام مسماة أو أراد ذلك تطوعا -:
فإنه يدخل في اعتكافه قبل أن يتبين له طلوع الفجر، ويخرج إذا غاب جميع قرص الشمس، سواء كان ذلك في رمضان أو غيره.
ومن نذر اعتكاف ليلة أو ليال مسماة أو أراد ذلك تطوعا -: فإنه يدخل قبل أن يتم غروب جميع قرص الشمس، ويخرج إذا تبين له طلوع الفجر.
لان مبدأ الليل إثر غروب الشمس، وتمامه بطلوع الفجر. ومبدأ اليوم بطلوع الفجر، وتمامه بغروب الشمس كلها، وليس على أحد إلا ما التزم أو ما نوى.
فان نذر اعتكاف شهر أو أراده تطوعا -: فمبدأ الشهر من أول ليلة منه فيدخل قبل أن يتم غروب جميع قرص الشمس، ويخرج إذا غابت الشمس كلها من آخر الشهر، سواء رمضان وغيره.
لان الليلة المستأنفة ليست من ذلك الشهر الذي نذر اعتكافه أو نوى اعتكافه.