ثم يقال له: فهبك ذلك كذلك؟ أتقولون: بهذا أنتم؟ فتمنعون من المشي بين القبور بنعلين فيهما قذر؟ فمن قولهم: لا، فيقال لهم: فأي راحة لكم في دعوى كاذبة؟ ثم لو صحت لم تقولوا بها، ولبقيتم مخالفين للخبر بكل حال؟.
ويقال له أيضا: ولعل البناء في الرعاف إنما هو في الدم الأسود لشبهه بدم الحيض، ولعل فساد صلاة الرجل إلى جنب المرأة إنما هو إذا كانت شابة خوف الفتنة، ومثل هذا كثير.
580 - مسألة - ويصلى على ما وجد من الميت المسلم، ولو أنه ظفر أو شعر فما فوق ذلك ويغسل، ويكفن، إلا أن يكون من شهيد فلا يغسل، لكن يلف ويدفن.
ويصلى على الميت المسلم وإن كان غائبا لا يوجد منه شئ، فان وجد من الميت عضو آخر بعد ذلك أيضا غسل أيضا، وكفن، ودفن، ولا بأس بالصلاة عليه ثانية وهكذا ابدا.
برهان ذلك أننا قد ذكرنا قبل وجوب غسل الميت وتكفينه ودفنه والصلاة عليه، فصح بذلك غسل جميع أعضائه، قليلها وكثيرها، وستر جميعها بالكفن والدفن، فذلك بلا شك واجب في كل جزء منه (1)، فإذ هو كذلك فواجب عمله فيما أمكن عمله فيه، بالوجود متى وجد، ولا يجوز أن يسقط ذلك في الأعضاء المفرقة بلا برهان.
وينوى بالصلاة على ما وجد منه الصلاة على جميعه، جسده وروحه.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: إن وجد نصف الميت الذي فيه الرأس أو أكثر من نصفه وان لم يكن فيه الرأس -: غسل وكفن وصلى عليه، وان وجد النصف الذي ليس فيه الرأس أو أقل من النصف الذي فيه الرأس -: لم يغسل ولا كفن ولا صلى عليه!.
قال أبو محمد: وهذا تخليط ناهيك به!.
وقيل لهم: من أين لكم أن الصلاة على أكثره واجبة، وعلى نصفه غير واجبة؟
وأنتم قد جعلتم الربع - فيما انكشف من بطن الحرة وشعرها - كثيرا في حكم الكل؟
وجعلتم العشر - (2) في بعض مسائلكم أيضا - في حكم الكل؟ وهو من حلق عشر رأسه أو عشر لحيته من المحرمين في قول محمد بن الحسن، فمن أين هذه الأحكام في الدين بغير إذن من الله تعالى بها؟.
وقد روينا عن أبي أيوب الأنصاري وأبي موسى الأشعري رضي الله عنهما: أنهما