566 - مسألة - ومن مات وعليه دين يستغرق كل ما ترك فكل ما ترك للغرماء، ولا يلزمهم كفنه دون سائر من حضر من المسلمين.
لان الله تعالى لم يجعل ميراثا ولا وصية الا فيما يخلفه المرء بعد دينه، فصح أن الدين مقدم، وانه لا حق له في مقدار دينه مما يتخلفه، فإذ هو كذلك فحق تكفينه - إذا لم يترك شيئا - واجب على كل من حضر من غريم أو غير غريم لقول الله. تعالى: (إنما المؤمنون أخوة) وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من ولى أخاه فليحسن كفنه) وقد ذكرناه قبل باسناده، فكل من وليه فهو مأمور باحسان كفنه، ولا يحل أن يخص بذلك الغرماء دون غيرهم، هو قول أبى سليمان وأصحابه.
فان فضل عن الدين شئ فالكفن مقدم فيه قبل الوصية والميراث، لما ذكرنا قبل من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن مصعب بن عمير رضي الله عنه في بردة له لم يترك شيئا غيرها، فلم يجعلها لوارثه.
567 - مسألة - وكل ما ذكرنا أنه فرض على الكفاية فمن قام به سقط عن سائر الناس، كغسل الميت وتكفينه ودفنه والصلاة عليه، وهذا لا خلاف فيه، ولان تكليف ما عدا هذا داخل في الحرج والممتنع قال تعالى: (ما جعل عليكم في الدين من حرج).
568 - مسألة - وصفة الغسل أن يغسل جميع جسد الميت ورأسه بماء قد رمى فيه شئ من سدر ولابد، إن وجد، فإن لم يوجد فبالماء وحده -: ثلاث مرات ولابد، يبتدأ بالميامن ويوضأ، فان أحبوا الزيادة فعلى الوتر أبدا، وإما ثلاث مرات وإما خمس مرات وإما سبع مرات، ويجعل في آخر غسلاته - إن غسل أكثر من مرة - شيئا من كافور ولابد فرضا، فإن لم يوجد فلا حرج، لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك كله.
حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا يحيى بن يحيى (1) أنا يزيد بن زريع عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين عن أم عطية قالت: (دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نغسل ابنته (2) فقال: اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك، إن رأيتن ذلك،