629 - مسألة - ويعمل المعتكف في المسجد كل ما أبيح له، من محادثة فيما لا يحرم، ومن طلب العلم أي علم كان، ومن خياطة وخصام في حق ونسخ وبيع وشراء، وتزوج وغير ذلك لا تحاش شيئا لان الاعتكاف هو الإقامة كما ذكرنا، فهو إذا فعل ذلك في المسجد فلم يترك الاعتكاف.
وهو قول أبي حنيفة، والشافعي، وأبي سليمان.
ولم ير ذلك مالك. وما نعلم له حجة في ذلك، لامن قرآن ولا من سنة لا صحيحة ولا سقيمة، ولا قول صاحب، ولا قول متقدم من التابعين، ولا قياس، ولا رأى له وجه.
وأعجب ذلك (1) منعه من طلب العلم في المسجد وقد ذكرنا قبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت عائشة رضي الله عنها ترجل شعره المقدس وهو في المسجد، وكل ما أباحه الله تعالى فليس معصية لكنه إما طاعة واما سلامة.
630 - مسألة - ولا يبطل الاعتكاف شئ الا خروجه عن المسجد لغير حاجة عامدا ذاكرا، لأنه قد فارق العكوف وتركه، ومباشرة المرأة في غير الترجيل، لقول الله تعالى: (ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد) وتعمد معصية الله تعالى - أي معصية كانت، لان العكوف الذي ندب الله تعالى إليه هو الذي لا يكون على معصية، ولا شك عند أحد من أهل الاسلام في أن الله تعالى حرم العكوف على المعصية فمن عكف في المسجد على معصية فقد ترك العكوف على الطاعة فبطل عكوفه.
وهذا كله قول أبى سليمان، وأحد قولي الشافعي.
وقال مالك: القبلة تبطل الاعتكاف.
وقال أبو حنيفة: لا يبطل الاعتكاف مباشرة ولا قبلة إلا أن ينزل، وهذا تحديد فاسد، وقياس للباطل على الباطل، وقول بلا برهان.
631 - مسألة - ومن عصى ناسيا أو خرج ناسيا أو مكرها أو باشر أو جامع ناسيا أو مكرها -: فالاعتكاف تام لا يكدح (2) كل ذلك فيه شيئا، لأنه لم يعمد ابطال (3) اعتكافه