صليا على رجل انسان. وهو قول أبى سليمان وأصحابنا.
وروى عن عمر: أنه صلى على عظام.
وعن أبي عبيدة: أنه صلى على رأس.
وأما الصلاة على الغائب فقد جاء به نص قاطع، أغنى عن النظر، وإن كان النظر تجب به الصلاة عليه، لان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صلوا على صاحبكم) عموم يدخل فيه الغائب والحاضر، ولا يجوز أن يخص به أحدهما، بل فرض في كل مسلم دفن بغير صلاة أن يصلى عليه من بلغه ذلك من المسلمين، لأنها فرض على الكفاية، وهي فيمن صلى عليه ندب (1).
حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا إسماعيل ابن أبي أويس حدثني مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة: (ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، خرج إلى المصلى فصف بهم وكبر أربعا).
وبه إلى البخاري: ثنا إبراهيم بن موسى ثنا هشام بن يوسف ان ابن جريج أخبرهم قال أخبرني عطاء انه سمع جابر بن عبد الله يقول: (قال النبي صلى الله عليه وسلم: قد توفى اليوم رجل صالح من الحبش، فهلم فصلوا عليه، فصففنا، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم ونحن).
وبه إلى البخاري: ثنا مسدد عن أبي عوانة عن قتادة عن عطاء عن جابر بن عبد الله:
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي، قال جابر،: فكنت في الصف الثاني أو الثالث).
ورويناه أيضا من طريق قوية عن عمران بن الحصين عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فهذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمله وعمل جميع أصحابه، فلا اجماع أصح من هذا، وآثار متواترة عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم كما أوردنا.
ومنع من هذا مالك، وأبو حنيفة، ادعى أصحابهما الخصوص للنجاشي وهذه دعوى كاذبة بلا برهان. وبالله تعالى التوفيق.
فان قالوا: هل فعل هذا أحد من الصحابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟.
قلنا لهم: وهل جاء قط عن أحد من الصحابة انه زجر عن هذا أو أنكره؟.
ثم يقال لهم: لا حجة في أحد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: (لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل).
581 - مسألة - والصلاة جائزة على القبر، وإن كان قد صلى على المدفون فيه.