برهان ذلك: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أوجبها على مالكها الذي يخرج في ملكه الحب من سنبله إلى إمكان كيله، ولم يخص عليه السلام من اصابه من حرثه أو من غير حرثه، ولا شئ في ذلك على صاحب الزرع الذي التقط هذا منه، لأنه خرج عن ملكه قبل إمكان الكيل فيه الذي به تجب الزكاة. وليس كذلك ما التقط من التمر، لان الزكاة فيه واجبة على من أزهى التمر في ملكه، بخلاف البر والشعير وبالله تعالى نتأيد.
649 - مسألة - والزكاة واجبة على من أزهى التمر في ملكه - والازهاء هو احمراره في ثماره - وعلى من ملك البر والشعير قبل دراسهما وإمكان تصفيتهما من التبن وكيلهما، بأي وجه ملك ذلك، من ميراث، أو هبة، أو ابتياع، أو صدقة، أو إصداق أو غير ذلك، ولا زكاة على من أنتقل ملكه عن التمر (1) قبل الازهاء، ولا على من ملكها بعد الازهاء، ولا على من أنتقل ملكه عن البر والشعير قبل دراسهما (2) وامكان تصفيتهما وكيلهما، ولا على من ملكهما بعد إمكان تصفيتهما وكيلهما.
برهان ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس فيما دون خمسة أوسق من حب ولا تمر صدقة) فلم يوجب النبي صلى الله عليه وسلم في الحب صدقة إلا بعد امكان توسيقه، فان صاحبه حينئذ مأمور بكيله وإخراج صدقته، فليس تأخيره الكيل - وهو له ممكن - بمسقط حق الله تعالى فيه، ولا سبيل إلى التوسيق الذي به تجب الزكاة قبل الدراس أصلا، فلا زكاة فيه قبل الدراس، لان الله تعالى لم يوجبها ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، فمن سقط ملكه عنه قبل الدراس - ببيع أو هبة أو إصداق أو موت أو جائحة أو نار أو غرق أو غصب - فلم يمكنه إخراج زكاته في وقت وجوبها، ولا وجبت الزكاة عليه وهو في ملكه. ومن أمكنه الكيل وهو في ملكه فهو الذي خوطب بزكاته، فمن ملكه بعد ذلك فإنما ملكه بعد وجوب الزكاة على غيره.
وليس التمر كذلك، لان النص جاء بايجاب الزكاة فيه إذا بدا طيبه، كما نذكر بعد هذا إن شاء الله تعالى.