البتة ان يعطى من غيرها، ولوجب منعه من ذلك، كما يمنع من له شريك في شئ من كل ذلك أن يعطى شريكه من غير العين التي هم فيها شركاء إلا بتراضيهما وعلى حكم البيع وأيضا فلو كانت الزكاة في عين المال لكانت لا تخلو من أحد وجهين لا ثالث لهما:
إما أن تكون في كل جزء من اجزاء ذلك المال، أو تكون في شئ منه بغير عينه. فلو كانت في كل جزء منه لحرم عليه ان يبيع منه رأسا أو حبة فما فوقها، لان لأهل الصدقات في ذلك الجزء شركا، ولحرم عليه ان يأكل منها شيئا لما ذكرنا، وهذا باطل بلا خلاف وللزمه أيضا ان لا يخرج الشاة إلا بقيمة مصححة مما بقي، كما يفعل في الشركات ولابد، وإن كانت الزكاة في شئ منه بغير عينه، فهذا باطل، وكان يلزم أيضا مثل ذلك سواء سواء لأنه كان لا يدرى لعله يبيع أو يأكل الذي هو حق أهل الصدقة. فصح ما قلنا يقينا. وبالله تعالى التوفيق 665 - مسألة - فكل مال وجبت فيه زكاة من الأموال التي ذكرنا، فسواء تلف ذلك أو بعضه - أكثره أو أقله - إثر امكان إخراج الزكاة منه، إثر وجوب الزكاة بما قل من الزمن أو كثر، بتفريط تلف أو بغير تفريط -: فالزكاة كلها واجبة في ذمة صاحبه كما كانت لو لم يتلف، ولا فرق، لما ذكرنا من أن الزكاة في الذمة لا في عين المال وإنما قلنا: إثر إمكان إخراج الزكاة منه لأنه إن أراد إخراج الزكاة من غير عين المال الواجبة فيه لم يجبر على غير ذلك، والإبل وغيرها في ذلك سواء، إلا أن تكون مما يزكى بالغنم وله غنم حاضرة فهذا تلزمه الزكاة من الغنم الحاضرة، وليس له ان يمطل بالزكاة حتى يبيع من تلك الإبل، لقول الله تعالى: (سارعوا إلى مغفرة من ربكم) 666 - مسألة - وكذلك لو اخرج الزكاة وعزلها ليدفعها إلى المصدق أو إلى أهل الصدقات فضاعت الزكاة كلها أو بعضها فعليه اعادتها كلها ولابد، لما ذكرنا، ولأنه في ذمته حتى يوصلها إلى من أمره الله تعالى بايصالها إليه. وبالله تعالى التوفيق. وهو قول الأوزاعي، وظاهر قول الشافعي في بعض أقواله وقال أبو حنيفة: ان هلك المال بعد الحول - ولم يحد لذلك مدة - فلا زكاة عليه بأي وجه هلك، فلو هلك بعضه فعليه زكاة ما بقي فقط، قل أو كثر، ولا زكاة عليه فيما تلف، فإن كان هو استهلكه فعليه زكاته