قال أبو محمد: وهذه دعوى فاسدة لم يأذن الله تعالى بها، ولا قضاها رسوله عليه السلام، بل قد فرق عليه السلام بينهما، بأن أمر من حضر بالانصات والاستماع، وأمر الداخل بالصلاة، فالمعترض على هذا مخالف لله ولرسوله عليه السلام، فالتطوع جائز لمن في المسجد ما لم يبدأ الامام بالخطبة ولمن دخل ما لم تقم الإقامة للصلاة.
522 - مسألة - والكلام مباح لكل أحد ما دام المؤذن يؤذن يوم الجمعة ما لم يبدأ الخطيب بالخطبة، والكلام جائز بعد الخطبة إلى أن يكبر الامام، والكلام جائز في جلسة الامام بين الخطبتين، لان الكلام بالمباح مباح إلا حيث منع منه النص، ولم يمنع النص إلا من الكلام في خطبة الامام كما أوردنا قبل.
حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ثنا عبد الله بن نصر ثنا قاسم بن أصبغ ثنا ابن وضاح ثنا موسى بن معاوية ثنا وكيع عن جرير بن حازم عن ثابت بن أسلم البناني عن أنس بن مالك قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل من المنبر يوم الجمعة فيكمله الرجل في الحاجة، فيكلمه ثم يتقدم إلى المصلى فيصلى).
ومن طريق حماد بن سلمة أنا علي بن زيد عن سعيد بن المسيب أن أبا بكر الصديق لما قعد على المنبر يوم الجمعة قال له بلال: يا أبا بكر، قال: لبيك، قال: أعتقتني لله أم لنفسك؟ قال أبو بكر: بل لله تعالى، قال: فاذن لي أجاهد في سبيل الله تعالى، فأذن له، فذهب إلى الشأم فمات بها رضي الله عنه.
ومن طريق حماد بن سلمة عن برد أبى العلاء عن الزهري: أن عمر بن الخطاب قال:
كلام الامام يقطع الكلام. فلم ير عمر الكلام يقطعه إلا كلام الامام.
وعن سفيان بن عيينة عن مسعر بن كدام عن عمران بن موسى عن أبي الصعبة قال قال عمر بن الخطاب لرجل يوم الجمعة وعمر على المنبر: هل اشتريت لنا؟ أو هل اتيتنا بهذا؟ يعنى الحب.
وعن هشيم بن بشير أخبرني محمد بن قيس أنه سمع موسى بن طلحة بن عبيد الله يقول: رأيت عثمان بن عفان جالسا يوم الجمعة على المنبر والمؤذن يؤذن وعثمان يسأل الناس عن أسعارهم وأخبارهم.
ومن طريق سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب: كلام الامام يقطع الكلام