قال أبو محمد: وهذا خطأ، لما ذكرنا قبل، فان لجأ إلى أن الزكاة في عين المال، قلنا له: هذا باطل بما قدمنا آنفا، ثم هبك لو كان ذلك كما تقول لما وجب عليه زكاة ما بقي من المال إذا كان الباقي ليس مما يجب في مقداره الزكاة لو لم يكن معه غيره، لان التالف عندكم لا زكاة فيه لتلفه، والباقي ليس نصابا، فإن كان الباقي فيه الزكاة واجبة فالتالف فيه الزكاة واجبة ولا فرق، وقد قدمنا ان الزكاة ليست مشاعة في المال في كل جزء منه كالشركة، إذ لو كان ذلك لما جاز اخراجها الا بقيمة محققة منسوبة مما بقي. وقد قال الشافعي بهذا في زكاة الإبل، وقال به أصحاب أبي حنيفة في الطعام يخرج عن الطعام من صنفه أو من غير صنفه، فظهر تناقضهم وقال مالك: ان تلف الناض بعد الحول ولم يفرط في أداء زكاته فرجع إلى ما لا زكاة فيه فلا زكاة عليه فيه، وكذلك لو عزل زكاة الطعام فتلفت فلا شئ عليه غيرها، لاعن الكل ولا عما بقي، فلو لم يفعل وادخله بيته فتلف فعليه ضمان زكاته قال أبو محمد: وهذا خطأ، لان الزكاة الواجبة لأهل الصدقات ليست عينا معينة، بلا خلاف من أحد من الأمة ولا جزءا مشاعا في كل جزء من المال، وهذان الوجهان هما اللذان يكون من كانا عنده بحق مؤتمنا عليه فلا ضمان عليه فيما تلف من غير تعديه، فإذ الزكاة كما ذكرنا وإنما هي حق مفترض عليه في ذمته حتى يؤديه إلى المصدق أو إلى من جعلها الله تعالى له: فهي دين عليه لا أمانة عنده والدين مؤدى على كل حال، وبالله تعالى التوفيق وروينا من طريق ابن أبي شيبة عن حفص بن غياث وجرير والمعتمر بن سليمان التيمي، وزيد بن الحباب، وعبد الوهاب بن عطاء، قال حفص عن هشام بن حسان عن الحسن البصري، وقال جرير عن المغيرة عن أصحابه، وقال المعتمر عن معمر عن حماد، وقال زيد عن شعبة عن الحكم، وقال عبد الوهاب عن ابن أبي عروبة عن حماد عن إبراهيم النخعي، ثم اتفقوا كلهم: فيمن أخرج زكاة ماله فضاعت: انها لا تجزئ عنه وعليه إخراجها ثانية وروينا عن عطاء: أنها تجزئ عنه 667 - مسألة - وأي بر أعطى أو أي شعير في زكاته كان أدنى مما أصاب أو أعلى -: أجزأه، ما لم يكن فاسدا بعفن أو تأكل، فلا يجزئ عن صحيح، أو ما كان رديئا برهان ذلك: انه إنما عليه بالنص عشر مكيلة ما أصاب أو نصف عشرها إذا كانت (*)
(٢٦٤)