(أحدهما) وجوب جزائه لأنه أتلفه لنفع نفسه فضمنه كالمضطر يقتل صيدا يأكله (والثاني) لا يضمنه لأنه اضطره إلى اتلافه أشبه ما لو صال عليه (الفصل السادس) ان جزاء ما كان دابة من الصيد نظيره من النعم. هذا قول أكثر أهل العلم منهم الشافعي. وقال أبو حنيفة: الواجب القيمة ويجوز فيها المثل لأن الصيد ليس بمثلي، ولنا قول الله تعالى (فجزاء مثل ما قتل من النعم) وجعل النبي صلى الله عليه وسلم في الضبع كبشا وأجمع الصحابة على ايجاب المثل فقال عمر وعثمان وعلي وزيد بن ثابت وابن عباس ومعاوية في النعامة بدنة، وحكم أبو عبيد وابن عباس في حمار الوحش ببدنة، وحكم عمر فيه ببقرة وحكم عمر وعلي في الظبي بشاة، وإذا حكموا بذلك في الأزمنة المختلفة والبلدان المتفرقة دل ذلك على أنه ليس على وجه القيمة، ولأنه كان على وجه القيمة لاعتبر واصفة المتلف التي تختلف بها القيمة إما برؤية أو اخبار، ولم ينقل عنهم السؤال عن ذلك حال الحكم، ولأنهم حكموا في الحمام بشاة ولا يبلغ قيمة شاة في الغالب. إذا ثبت هذا فليس المراد حقيقة المماثلة فإنها لا تتحقق بين النعم والصيد لكن أريدت المماثلة من حيث الصورة، والمتلف من الصيد قسمان (أحدهما) قضت فيه الصحابة فيجب فيه ما قضت وبهذا قال عطاء والشافعي وإسحاق، وقال مالك: يستأنف الحكم فيه لأن الله تعالى قال (يحكم به ذوا عدل منكم) ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " وقال " اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر " ولأنهم أقرب إلى الصواب وأبصر بالعلم فكان حكمهم حجة على غيرهم كالعالم مع العامي، والذي بلغنا قضاؤهم في الضبع كبش قضى به عمر وعلي وجابر وابن عباس. وفيه عن جابر ان النبي صلى الله عليه وسلم جعل في الضبع يصيدها المحرم كبشا رواه أبو داود وابن ماجة، وروي عن جابر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال " في الضبع كبش إذا أصاب المحرم وفي الظبي شاة وفي الأرنب عناق وفي اليربوع جفرة " قال أبو الزبير الجفرة التي قد فطمت ورعت رواه الدارقطني. قال أحمد حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الضبع بكبش، وبه قال عطاء والشافعي وأبو ثور وابن المنذر، وقال الأوزاعي إن كان العلماء بالشام يعدونها من السباع ويكرهون أكلها وهو القياس لا
(٥٣٥)