ذلك لأن الانسان لا يحكم لنفسه. ولنا عموم قوله تعالى (يحكم به ذوا عدل منكم) والقاتل مع غيره ذوا عدل منا. وقد روي سعيد في سننه والشافعي في مسنده عن طارق بن شهاب قال: خرجنا حجاجا فأرطأ رجل منا يقال أربد ضبا ففزر ظهره فقدمنا على عمر رضي الله عنه فسألنا أربد فقال له احكم يا أربد فيه. قال: أنت خير مني يا أمير المؤمنين. قال إنما أمرتك أن تحكم، ولم آمرك أن تزكيني فقال أربد أرى فيه جديا قد جمع الماء والشجر. قال عمر فذلك فيه، فأمره عمر أن يحكم فيه وهو القاتل وأمر أيضا كعب الأحبار أن يحكم على نفسه في الجرادتين اللتين صادهما وهو محرم، ولأنه مال يخرج في حق الله تعالى فجاز أن يكون من وجب عليه أمينا فيه كالزكاة (فصل) قال أصحابنا في كبير الصيد مثله من النعم، وفي الصغير صغير، وفي الذكر ذكر، وفي الأنثى أنثى، وفي الصحيح صحيح، وفي المعيب معيب، وبهذا قال الشافعي وقال مالك في الصغير كبير، وفي المعيب صحيح لأن الله تعالى قال (هديا بالغا الكعبة) ولا يجزئ في الهدي صغير ولا معيب ولأنها كفارة متعلقة بقتل حيوان فلم تختلف بصغيرة وكبيرة كقتل الآدمي ولنا قول الله تعالى (فجزاء مثل ما قتل من النعم) ومثل الصغير صغير، ولان ما ضمن باليد والجناية اختلف ضمانه بالصغر والكبر كالبهيمة، والهدي في الآية معتبر بالمثل، وقد أجمع الصحابة على الضمان بما لا يصح هديا كالجفرة والعناق والجدي. وكفارة الآدمي ليست بدلا عنه ولا تجري مجرى الضمان بدليل أنها لا تتبعض في ابعاضه فإن فدا المعيب بصحيح فهو أفضل، وان فداه بمعيب مثله جاز، وان اختلف العيب مثل أن فدا الأعرج بأعور والأعور بأعرج لم يجز لأنه ليس بمثله، وان فدا أعور من إحدى العينين بأعور من أخرى أو أعرج من قائمة بأعرج من أخرى جاز لأن هذا اختلاف يسير ونوع العيب واحد وإنما اختلف محله. وان فدا الذكر بانثى جاز لأن لحمها أطيب وأرطب. وان فداها بذكر جاز في أحد الوجهين. لأن لحمه أوفر فتساويا، والآخر لا يجوز لأن زيادته عليها ليس هي من جنس زيادتها فأشبه فداء المعيب من نوع بمعيب من نوع
(٥٣٧)