(فصل) ويرميها راكبا أو راجلا كيفما شاء لأن النبي صلى الله عليه وسلم رماها على راحلته. رواه جابر وابن عمر وأم أبي الأحوص وغيرهم. قال جابر: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي على راحلته يوم النحر ويقول " لتأخذوا عني مناسككم فاني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه " رواه مسلم. وقال نافع كان ابن عمر يرمي جمرة العقبة على دابته يوم النحر وكان لا يأتي سائرها بعد ذلك إلا ماشيا ذاهبا وراجعا وزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يأتيها إلا ماشيا ذاهبا وراجعا. رواه أحمد في المسند، وفي هذا بيان للتفريق بين هذه الجمرة وغيرها، ولان رمي هذه الجمرة مما يستحب البداية به في هذا اليوم عند قدومه ولا يسن عندها وقوف، ولو سن له المشي إليها لشغله النزول عن البداية بها والتعجيل إليها بخلاف سائرها (فصل) ولرمي هذه الجمرة وقتان: وقت فضيلة ووقت اجزاء، فأما وقت الفضيلة فبعد طلوع الشمس. قال ابن عبد البر: أجمع علماء المسلمين على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما رماها ضحى ذلك اليوم وقال جابر: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي الجمرة ضحى يوم النحر وحده، ورمى بعد ذلك بعد زوال الشمس. أخرجه مسلم، وقال ابن عباس: قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أغيلمة بني عبد المطلب على أحمرات لنا من جمع فجعل يلطخ أفخاذنا ويقول " أبني عبد المطلب لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس " رواه ابن ماجة وكان رميها بعد طلوع الشمس يجزئ بالاجماع وكان أولى. واما وقت الجواز فأوله نصف الليل من ليلة النحر، وبذلك قال عطاء وابن أبي ليلى وعكرمة بن خالد والشافعي وعن أحمد أنه يجزئ بعد الفجر قبل طلوع الشمس وهو قول مالك وأصحاب الرأي وإسحاق وابن المنذر، وقال مجاهد والثوري والنخعي لا يرميها إلا بعد طلوع الشمس لما روينا من الحديث ولنا ما روى أبو داود عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أم سلمة ليلة النحر فرمت جمرة العقبة قبل الفجر ثم مضت فأفاضت! وروي أنه أمرها أن تعجل الإفاضة وتوافي مكة بعد صلاة الصبح واحتج به أحمد، وقد ذكرنا في حديث أسماء أنها رمت ثم رجعت فصلت الصبح وذكرت أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن للطعن، ولأنه وقت الدفع من مزدلفة وكان وقتا للرمي كبعد طلوع الشمس والأخبار المتقدمة محمولة على الاستحباب، وإن أخر الرمي إلى آخر النهار جاز. قال ابن عبد البر: أجمع أهل العلم على أن من رماه يوم النحر قبل المغيب فقد رماها في وقت لها وإن لم يكن
(٤٤٩)