يحتمل أن يكون لعلمه أنه صيد من أجله أو ظنه، ويتعين حمله على ذلك لما قدمت من حديث أبي قتادة وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بأكل الحمار الذي صاده، وعن طلحة أنه أهدي له طير وهو راقد فاكل بعض أصحابه وهم محرمون وتورع بعض فلما استيقظ طلحة وافق من أكله وقال أكلناه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه مسلم وفي الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يريد مكة وهو محرم حتى إذا كان بالروحاء إذا حمار وحشي عقير فجاء البهزي وهو صاحبه فقال يا رسول الله شأنكم بهذا الحمار فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر فقسمه بين الرفاق وهو حديث صحيح وأحاديثهم ان لم يكن فيها ذكر أنه صيد من أجلهم فتعين ضم هذا القيد إليها لحديثنا وجمعا بين الأحاديث، ودفعا للتناقض عنها، ولأنه صيد للمحرم فحرم كما لو أمر أو أعان (فصل) وما حرم على المحرم لكونه صيد من أجله أو دل عليه أو أعان عليه لم يحرم على الحلال أكله لقول علي أطعموه حلالا، وقد بينا حمله على أنه صيد من أجلهم، وحديث الصعب بن جثامة حين رد النبي صلى الله عليه وسلم الصيد عليه ولم ينهه عن أكله ولأنه صيد حلال فأبيح للحلال أكله كما لو صيد لهم وهل يباح أكله لمحرم آخر ظاهر الحديث اباحته له لقوله " صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه أو يصد لكم " وهو قول عثمان بن عفان رضي الله عنه لأنه روي أنه أهدي إليه صيد وهو محرم فقال لأصحابه كلوا ولم يأكل هو وقال إنما صيد من أجلي ولأنه لم يصد من أجله فحل له كما لو صاده الحلال لنفسه ويحتمل أن يحرم عليه وهو ظاهر قول علي رضي الله عنه لقوله: أطعموه حلالا فانا حرم ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث قتادة " هل منكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها؟ " قالوا لا، قال " فكلوه " فمفهومه ان إشارة واحد منهم تحرمه عليهم
(٢٩١)