باب من لم يدرك عرفة (قال الشافعي) أخبرنا أنس بن عياض عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر أنه قال " ومن لم يدرك عرفة قبل الفجر فقد فاته الحج فيأت البيت وليطف به وليسع بين الصفا والمروة ثم ليحلق أو يقصر إن شاء وإن كان معه هدى فلينحره قبل أن يحلق ويرجع إلى أهله فإذا أدرك الحج قابلا فليحجج وليهدي " وروى عن عمر أنه قال لأبي أيوب الأنصاري وقد فاته الحج " اصنع ما يصنع المعتمر ثم قد حللت فإذا أدركت الحج قابلا فاحجج وأهد ما استيسر من الهدى " وقال عمر رضي الله عنه أيضا لهبار بن الأسود مثل معنى ذلك وزاد " فإن لم تجد هديا فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعت " (قال الشافعي) فبهذا كله نأخذ (قال) وفي حديث عمر دلالة أنه استعمل أبا أيوب عمل المعتمر لا أن إحرامه صار عمرة.
باب الصبي إذا بلغ والعبد إذا عتق والذمي إذا أسلم وقد أحرموا (قال الشافعي) وإذا بلغ غلام أو أعتق عبد أو أسلم ذمي وقد أحرموا ثم وافوا عرفة قبل طلوع الفجر من يوم النحر فقد أدركوا الحج وعليهم دم (قال) وفي موضع آخر أنه لا يبين له أن الغلام والعبد عليهما في ذلك دم وأوجبه الكافر لأن إحرامه قبل عرفة وهو كافر ليس بإحرام (قال المزني) فإذا لم يبن عنده أن على العبد والصبي دما وهما مسلمان فالكافر أحق أن لا يكون عليه دم لأن إحرامه مع الكفر ليس بإحرام والاسلام يجب ما كان قبله وإنما وجب عليه الحج مع الاسلام بعرفات فكأنها منزله أو كرجل صار إلى عرفة ولا يريد حجا ثم أحرم أو كمن جاوز الميقات لا يريد حجا ثم أحرم فلا دم عليه وكذلك نقول (قال الشافعي) ولو أفسد العبد حجه قبل عرفة ثم أعتق والمراهق بوطئ قبل عرفة ثم احتلم أتما ولم تجز عنهما من حجة الاسلام لأنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أن امرأة رفعت إليه من محفتها صبيا فقالت يا رسول الله ألهذا أحج قال " نعم ولك أجر " (قال) وإذا جعل له حجا فالحاج إذا جامع أفسد حجه (قال المزني) وكذلك في معناه عندي يعيد ويهدى (قال الشافعي) وإذا أحرم العبد بغير إذن سيده أحببت أن يدعه فإن لم يفعل فله حبسه وفيه قولان أحدهما تقوم الشاة دراهم والدراهم طعاما ثم يصوم عن كل مد يوما ثم يحل والآخر لا شئ عليه حتى يعتق فيكون عليه شاة (قال المزني) أولى بقوله وأشبه عندي بمذهبه أن يحل ولا يظلم مولاه بغيبته ومنع خدمته فإذا أعتق أهراق دما في معناه (قال الشافعي) ولو أذن له أن يتمتع فأعطاه دما لتمتعه لم يجز عنه إلا الصوم ما كان مملوكا ويجزى أن يعطى عنه ميتا كما يعطى عن ميت قضاء لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر سعدا أن يتصدق عن أمه بعد موتها.
باب هل له أن يحرم بحجتين أو عمرتين وما يتعلق بذلك (قال الشافعي) من أهل بحجتين أو عمرتين معا أو بحج ثم أدخل عليه حجا آخر أو بعمرتين معا أو بعمرة ثم أدخل عليها أخرى فهو حج واحد وعمرة واحدة ولا قضاء عليه ولا فدية (قال المزني) لا يخلو من أن يكون في حجتين أو حجة فإذا أجمعوا أنه لا يعمل عمل حجتين في حال ولا عمرتين ولا صومين في حال دل على أنه لا معنى إلا لواحدة منهما فبطلت الأخرى.