لعان أو لا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأنصاريين " تحلفون وتستحقون دم صاحبكم " فلما لم يحلفوا رد الايمان على يهود ليبرءوا بها فلما لم يقبلها الأنصاريون تركوا حقهم أو لا ترى عمر جعل الايمان على المدعى عليهم فلما لم يحلفوا ردها على المدعين وكل هذا تحويل يمين من موضع قد ندبت فيه إلى الموضع الذي يخالفه وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " وعلى المدعى اليمين " ولا يجوز أن تكون على مدعى عليه دون غيره إلا بخبر لازم وهما لفظان من رسول الله صلى الله عليه وسلم " البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه " مخرجهما واحد فكيف يجوز أن يقال إن جاء المدعى بالبينة أخذ وإن لم يأت بها حدث له حكم غيرها وهو استحلاف من ادعى عليه وإن جاء المدعى عليه باليمين برئ وإن لم يأت بها لزمه ما نكل عنه ولم يحدث له حكم غيرها ويجوز رد اليمين كما حدث للمدعى إن لم يأت بها حكم غيره وهو اليمين وإذ حول النبي صلى الله عليه وسلم اليمين حيث وضعها فكيف لم تحول كما حولها.
* مختصر من كتاب الشهادات * وما دخله من الرسالة باب من تجوز شهادته ومن لا تجوز ومن يشهد بعد رد شهادته من الجامع ومن اختلاف الحكام وأدب القاضي وغير ذلك (قال الشافعي) ليس من الناس أحد نعلمه إلا أن يكون قليلا يمحض الطاعة والمروءة حتى لا يخلطهما بمعصية ولا يمحض المعصية وترك المروءة حتى لا يخلطهما شيئا من الطاعة والمروءة فإذا كان الأغلب على الرجل الأظهر من أمره الطاعة والمروءة قبلت شهادته وإذا كان الأغلب الأظهر من أمره المعصية وخلاف المروءة ردت شهادته ولا يقبل الشاهد حتى يثبت عنده بخبر منه أو بينة أنه حر ولا تجوز شهادة جار إلى نفسه ولا دافع عنها ولا على خصم لأن الخصومة موضع عداوة ولا لولد بنيه ولا لولد بناته وإن سفلوا ولا لآبائه وأمهاته وإن بعدوا ولا من يعرف بكثرة الغلط أو الغفلة ولو كنت لا أجيز شهادة الرجل لامرأته لأنه يرثها ما أجزت شهادة الأخ لأخيه إذا كان يرثه ولا أرد شهادة الرجل من أهل الأهواء إذا كان لا يرى أن يشهد لموافقه بتصديقه وقبول يمينه وشهادة من يرى كذبه شركا بالله ومعصية تجب بها النار أولى أن تطيب النفس بقبولها من شهادة من يخفف المأثم فيها وكل من تأول حراما عندنا فيه حد أو لاحد فيه لم نرد بذلك شهادته ألا ترى أن ممن حمل عنه الدين وجعل علما في البلدان منهم من يستحل المتعة والدينار بالدينارين نقدا وهذا عندنا وغيرنا حرام وأن منهم من استحل سفك الدماء ولا شئ أعظم منه بعد الشرك ومنهم من تأول فاستحل كل مسكر غير الخمر وعاب على من حرمه ولا نعلم أحدا من سلف هذه الأمة يقتدى به ولا من التابعين بعدهم رد شهادة أحد بتأويل وإن خطأه وضلله واللاعب بالشطرنج والحمام بغير قمار وإن كرهنا ذلك أخف حالا (قال المزني) رحمه الله فكيف يجد من شرب قليلا من نبيذ شديد ويجيز شهادته (قال الشافعي) رحمه الله ومن شرب عصير العنب الذي عتق حتى سكر وهو يعرفها خمرا ردت شهادته