الناس وأذن وصلى أجزأه وأحب أن يكون المؤذنون اثنين لأنه الذي حفظناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلال وابن أم مكتوم فإن كان المؤذنون أكثر أذنوا واحدا بعد واحد ولا يرزقهم الإمام وهو يجد متطوعا فإن لم يجد متطوعا فلا بأس أن يرزق مؤذنا ولا يرزقه إلا من خمس الخمس سهم النبي صلى الله عليه وسلم ولا يجوز أن يرزقه من الفئ ولا من الصدقات لأن لكل مالكا موصوفا وأحب الاذان لما جاء فيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الأئمة ضمناء والمؤذنون أمناء فأرشد الله الأئمة وغفر للمؤذنين " ويستحب للإمام تعجيل الصلاة لأول وقتها إلا أن يشتد الحر فيبرد بها في مساجد الجماعات لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة " وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " أول الوقت رضوان الله وآخره عفو الله " وأقل ما للمصلى في أول وقتها أن يكون عليها محافظا ومن المخاطرة بالنسيان والشغل والآفات خارجا ورضوان الله إنما يكون للمحسنين والعفو يشبه أن يكون للمقصرين، والله أعلم.
باب استقبال القبلة ولا فرض إلا الخمس (قال الشافعي) ولا يجوز لاحد صلاة فريضة ولا نافلة ولا سجود قرآن ولا جنازة إلا متوجها إلى البيت الحرام ما كان يقدر على رؤيته إلا في حالتين إحداهما النافلة في السفر راكبا وطويل السفر وقصيره سواء وروى عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى على راحلته في السفر أينما توجهت به وأنه صلى الله عليه وسلم كان يوتر على البعير وأن عليا رضي الله عنه كان يوتر على الراحلة (قال الشافعي) وفي هذا دلالة على أن الوتر ليس بفرض ولا فرض إلا الخمس لقول النبي صلى الله عليه وسلم للاعرابي حين قال هل على غيرها فقال النبي صلى الله عليه وسلم " لا إلا أن تطوع " والحالة الثانية شدة الخوف لقول الله عز وجل " فإن خفتم فرجالا أو ركبانا " قال ابن عمر مستقبلي القبلة وغير مستقبليها فلا يصلى في غير هاتين الحالتين إلا إلى البيت إن كان معاينا فبالصواب وإن كان مغيبا فبالاجتهاد بالدلائل على صواب جهة القبلة فإن اختلف اجتهاد رجلين لم يسع أحدهما اتباع صاحبه فإن كان الغيم وخفيت الدلائل على رجل فهو كالأعمى وقال في موضع آخر ومن دله من المسلمين وكان أعمى وسعه اتباعه ولا يسع بصيرا خفيت عليه الدلائل اتباعه (قال المزني) لا فرق بين من جهل القبلة لعدم العلم وبين من جهلها لعدم البصر وقد جعل الشافعي من خفيت عليه الدلائل كالأعمى فهما سواء (قال) ولا تتبع دلالة مشرك بحال (قال الشافعي) ومن اجتهد فصلى إلى المشرق ثم رأى القبلة إلى الغرب استأنف لأن عليه أن يرجع من خطأ جهتها إلى يقين صواب جهتها ويعيد الأعمى ما صلى معه متى أعلمه وإن كان شرقا ثم رأى أنه منحرف وتلك جهة واحدة كان عليه أن ينحرف ويعتد بما مضى وإن كان معه أعمى ينحرف بانحرافه وإذا اجتهد به رجل ثم قال له رجل آخر قد أخطأ بك فصدقه تحرف حيث قال له وما مضى مجزئ عنه لأنه اجتهد به من له قبول اجتهاده (قال المزني) قد احتج الشافعي في كتاب الصيام فيمن اجتهد ثم علم أنه أخطأ أن ذلك يجزئه بأن قال وذلك أنه لو تأخى القبلة ثم علم بعد كمال الصلاة أنه أخطأ أجزأت عنه كما يجزئ ذلك في خطأ عرفة واحتج أيضا في كتاب الطهارة بهذا المعنى فقال إذا تأخى في أحد الإناءين أنه طاهر والآخر نجس فصلى ثم أراد أن يتوضأ ثانية فكان الأغلب عنده أن الذي ترك هو الظاهر لم يتوضأ بواحد منهما ويتيمم ويعيد كل صلاة صلاها بتيمم لأن معه ماء متيقنا وليس كالقبلة يتأخاها في موضع ثم يراها في غيره لأنه ليس من ناحية إلا وهي قبلة لقوم (قال المزني) فقد أجاز صلاته وإن أخطأ القبلة في هذين الموضعين لأنه أدى ما كلف ولم يجعل عليه إصابة العين للعجز عنها في حال الصلاة (قال المزني) وهذا