لم يكن للمسلمين هدم ذلك وتركوا على ما وجدوا ومنعوا إحداث مثله وهذا إذا كان المصر للمسلمين أحيوه أو فتحوه عنوة وشرط هذا على أهل الذمة وإن كانوا فتحوا بلادهم على صلح منهم على تركهم ذلك خلوا وإياه ولا يجوز أن يصالحوا على أن ينزلوا بلاد الاسلام يحدثوا فيه ذلك ويكتب الإمام أسماءهم وحلاهم في ديوان ويعرف عليهم عرفاء لا يبلغ منهم مولود ولا يدخل فيهم أحد من غيرهم إلا رفعه إليه وإذا أشكل عليه صلحهم بعث في كل بلاد فجمع البالغون منهم ثم يسألون عن صلحهم فمن أقر بأقل الجزية قبل منه ومن أقر بزيادة لم يلزمه غيرها وليس للإمام أن يصالح أحدا منهم على أن يسكن الحجاز بحال ولا يبين أن يحرم أن يمر ذمي بالحجاز مارا لا يقيم بها أكثر من ثلاث ليال وذلك مقام مسافر لاحتمال أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإجلائهم عنها أن لا يسكنوها ولا بأس أن يدخلها الرسل لقوله تعالى " وإن أحد من المشركين استجارك " الآية ولولا أن عمر رضي الله عنه أجل من قدم المدينة منهم تاجرا ثلاثة أيام لا يقيم فيها بعد ثلاث لرأيت أن لا يصالحوا على أن لا يدخلوها بحال ولا يتركوا يدخلونها إلا بصلح كما كان عمر رضي الله عنه يأخذ من أموالهم إذا دخلوا المدينة ولا يترك أهل الحرب يدخلون بلاد الاسلام تجارا فإن دخلوا بغير أمان ولا رسالة غنموا فإن دخلوا بأمان وشرط عليهم أن يؤخذ منهم عشر أو أقل أو أكثر أخذ فإن لم يكن شرط عليهم لم يؤخذ منهم شئ وسواء كانوا يعشرون المسلمين إذا دخلوا بلادهم أو يخمسونهم أو لا يعرضون لهم وإذا اتجروا في بلاد المسلمين إلى أفق من الآفاق لم يؤخذ منهم في السنة إلا مرة كالجزية وقد ذكر عن عمر ابن عبد العزيز أنه كتب أن يؤخذ مما ظهر من أموالهم وأموال المسلمين وأن يكتب لهم براءة إلى مثله من الحول ولولا أن عمر رضي الله عنه أخذه منهم ما أخذناه ولم يبلغنا أنه أخذ من أحد في سنة إلا مرة (قال) ويؤخذ منهم ما أخذ عمر من المسلمين ربع العشر ومن أهل الذمة نصف العشر ومن أهل الحرب العشر اتباعا له على ما أخذ (قال المزني) رحمه الله: قد روى الشافعي رحمه الله عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه من حديث صحيح الاستناد أنه أخذ من النبط من الحنطة والزيت نصف العشر يريد بذلك أن يكثر الحمل إلى المدينة ومن القطية العشر (قال الشافعي) ولا أحسبه أخذ ذلك منهم إلا بشرط (قال) ويحدد الإمام بينه وبينهم في تجاراتهم ما يبين له ولهم وللعامة ليأخذهم به الولاة وأما الحرم فلا يدخله منهم أحد بحال كان له بها مال أو لم يكن ويخرج الإمام منه إلى الرسل ومن كان بها منهم مريضا أو مات أخرج ميتا ولم يدفن بها. وروى أنه سمع عددا من أهل المغازي يروون أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا يجتمع مسلم ومشرك في الحرم بعد عامهم هذا ".
باب في نصارى العرب تضعف عليهم الصدقة ومسلك الجزية (قال الشافعي) رحمه الله: اختلفت الاخبار عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في نصارى العرب من تنوخ وبهراء وبنى تغلب فروى عنه أنه صالحهم على أن يضعف عليهم الجزية ولا يكرهوا على غير دينهم وهكذا حفظ أهل المغازي قالوا رامهم عمر على الجزية فقالوا نحن عرب لا نؤدى ما يؤدى العجم ولكن خذ منا كما يأخذ بعضكم من بعض يعنون الصدقة فقال عمر رضي الله عنه لا، هذا فرض على المسلمين فقالوا فزد ما شئت بهذا الاسم لا باسم الجزية فراضاهم على أن يضعف عليهم الصدقة (قال) فإذا ضعفها عليهم فانظر إلى مواشيهم وذهبهم وورقهم وأطعمتهم وما أصابوا من معادن بلادهم وركازها وكل أمر أخذ فيه من مسلم خمس فخذ خمسين أو عشر