فمعنى قوله " إلا أن يشترطه المبتاع " على معنى ما حل كما أباح الله ورسوله البيع مطلقا على معنى ما يحل لا على ما يحرم (قال المزني) قلت أنا وقد كان الشافعي قال يجوز أن يشترط ماله وإن كان مجهولا لأنه تبع له كما يجوز حمل الأمة تبعا لها وحقوق الدار تبعا لها ولا يجوز بيع الحمل دون أمه ولا حقوق الدار دونها ثم رجع عنه إلى ما قال في هذا الكتاب (قال المزني) والذي رجع إليه أصح (قال الشافعي) وحرام التدليس ولا ينتقض به البيع (قال أبو عبد الله محمد ابن عاصم) سمعت المزني يقول هذا غلط عندي فلو كان الثمن محرما بالتدليس كان البيع بالثمن المحرم منتقضا وإذا قال لا ينقض به البيع فقد ثبت تحليل الثمن غير أنه بالتدليس مأثوم فتفهم فلو كان الثمن محرما وبه وقعت العقدة كان البيع فاسدا أرأيت (1) لو اشتراها بجارية فدلس المشترى بالثمن كما دلس البائع بما باع فهذا إذا حرام بحرام يبطل به البيع فليس كذلك إنما حرم عليه التدليس والبيع في نفسه جائز ولو كان من أحدهما سبب يحرم فليس السبب هو البيع ولو كان هو السبب حرم البيع وفسد الشراء فتفهم (قال الشافعي) وأكره بيع العصير ممن يعصر الخمر والسيف ممن يعصى الله به ولا أنقض البيع.
باب بيع البراءة (قال الشافعي) إذا باع الرجل شيئا من الحيوان بالبراءة فالذي أذهب إليه قضاء عثمان رضي الله عنه أنه برئ من كل عيب لم يعلمه ولا يبرأ من عيب علمه ولم يسمه له ويقفه عليه (2) تقليدا فإن الحيوان مفارق لما سواه لأنه لا يفتدى بالصحة والسقم وتحول طبائعه فقلما يبرأ من عيب يخفى أو يظهر وإن أصح في القياس لولا ما وصفنا من افتراق الحيوان وغيره أن لا يبرأ من عيوب تخفى له لم يرها ولو سماها لاختلافها أو يبرأ من كل عيب والأول أصح.
باب بيع الأمة (قال الشافعي) إذا باعه جارية لم يكن لاحد منهما فيها مواضعة فإذا دفع الثمن لزم البائع التسليم ولا يجبر واحد منهما على إخراج ملكه من يده إلى غيره ولو كان لا يلزم دفع الثمن حتى تحيض وتطهر كان البيع فاسدا للجهل بوقت دفع الثمن وفساد آخر أن الجارية لا مشتراة شراء العين فيكون لصاحبها أخذها ولا على بيع الصفة فيكون الاجل معلوما ولا يجوز بيع العين إلى أجل ولا للمشترى أن يأخذ منه حميلا بعهدة ولا بوجه وإنما التحفظ قبل الشراء.
باب البيع مرابحة (قال الشافعي) فإذا باعه مرابحة على العشرة واحد وقال قامت على بمائة درهم ثم قال أخطأت ولكنها قامت على بتسعين فهي واجبة للمشترى برأس مالها وبحصته من الربح فإن قال ثمنها أكثر من مائة وأقام على ذلك بينة لم يقبل منه وهو مكذب لها ولو علم أنه خانه حططت الخيانة وحصتها من الربح ولو كان المبيع قائما كان للمشترى أن يرده ولم أفسده البيع لأنه لم ينعقد على محرم عليهما معا إنما وقع محرما على الخائن منهما كما يدلس له بالعيب فيكون التدليس محرما وما أخذ من ثمنه محرما وكان للمشترى في ذلك الخيار.