رجالهم ونساؤهم وأحرارهم وعبيدهم ومماليكهم يحلفون كما وصفنا ويحلف المشركون أهل الذمة والمستأمنون كل واحد منهم بما يعظم من الكتب وحيث يعظم من المواضع مما يعرفه المسلمون وما يعظم الحالف منهم مثل قوله والله الذي أنزل التوراة على موسى، والله الذي أنزل الإنجيل على عيسى، وما أشبه هذا ولا يحلفون بما يجهل معرفته المسلمون ويحلف الرجل في حق نفسه وفيما عليه بعينه على البت مثل أن يدعى عليه براءة من حق له فيحلف بالله إن هذا الحق ويسميه لثابت عليه ما اقتضاه ولا شيئا منه ولا مقتضى بأمر يعلمه ولا أحال به ولا بشئ منه ولا أبرأه منه ولا من شئ منه بوجه من الوجوه وإنه لثابت عليه إلى أن حلف بهذا اليمين وإن كان حقا لأبيه حلف في نفسه على البت وفي أبيه على العلم وإن أحلف قال والله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الذي يعلم من السر ما يعلم من العلانية ثم ينسق اليمين ولا يقبل منه اليمين إلا بعد أن يستحلفه الحاكم واحتج بأن ركانة قال للنبي صلى الله عليه وسلم إني طلقت امرأتي البتة والله ما أردت إلا واحدة فقال النبي عليه السلام " والله ما أردت إلا واحدة؟ " فردها إليه وهذا تجويزا لليمين في الطلاق والرجعة في طلاق البتة.
باب الامتناع من اليمين (قال الشافعي) وإذا كانت الدعوى غير دم في مال أحلف المدعى عليه فإن حلف برئ وإن نكل قيل للمدعى إحلف واستحق فإن أبيت سألناك عن إبائك فإن كان لتأتي ببينة أو لتنظر في حسابك تركناك وإن قلت لا أؤخر ذلك لشئ غير أنى لا أحلف أبطلنا أن تحلف وإن حلف المدعى عليه أو لم يحلف فنكل المدعى فأبطلنا يمينه ثم جاء بشاهدين أو بشاهد وحلف مع شاهده أخذنا له حقه والبينة العادلة أحق من اليمين الفاجرة ولو رد المدعى عليه اليمين فقال للمدعى احلف فقال المدعى عليه أنا أحلف لم أجعل ذلك له لأني قد أبطلت أن يحلف وحولت اليمين على صاحبه ولو قال أحلفه ما اشتريت هذه الدار التي في يديه لم أحلفه إلا ما لهذا ويسميه في هذه الدار حق تملك ولا غيره بوجه من الوجوه لأنه قد يملكها وتخرج من يديه باب النكول ورد اليمين من الجامع ومن اختلاف الشهادات والحكام ومن الدعوى والبينات ومن إملاء في الحدود (قال الشافعي) رحمه الله ولا يقوم النكول مقام إقرار في شئ حتى يكون معه يمين المدعى فإن قيل فكيف أحلفت في الحدود والطلاق والنسب والأموال وجعلت الايمان كلها تجب على المدعى عليه وجعلتها كلها ترد على المدعى؟ قيل قلته استدلالا بالكتاب والسنة ثم الخبر عن عمر حكم الله على القاذف غير الزوج بالحد ولم يجعل له مخرجا منه إلا بأربعة شهداء وأخرج الزوج من الحد بأن يحلف أربعة أيمان ويلتعن بخامسة فيسقط عنه الحد ويلزمها إن لم تخرج منه بأربعة أيمان والتعانها وسن بينهما الفرقة ودرأ الله عنهما الحد بالايمان والتعانه وكانت أحكام الزوجين وإن خالفت أحكام الأجنبيين في شئ فهي مجامعة لها في غيره وذلك أن اليمين فيه جمعت درء الحد عن الرجل والمرأة وفرقة ونفى ولد فكان هذا الحد والفراق والنفي معا داخلة فيها ولا يحق الحد على المرأة حين يقذفها الزوج إلا بيمينه وتنكل عن اليمين ألا ترى أن الزوج لو لم يلتعن حد بالقذف ولترك الخروج منه باليمين ولم يكن على المرأة حد ولا