لا ترث المبتوتة قول يصح وقد ذهب إليه بعض أهل الآثار وقال كيف ترثه امرأة لا يرثها وليست له بزوجة (قال المزني) فقلت أنا هذا أصح وأقيس لقوله (قال المزني) وقال في كتاب النكاح والطلاق إملاء على مسائل مالك إن مذهب ابن الزبير أصحهما وقال فيه لو أقر في مرضه أنه طلقها في صحته ثلاثا لم ترثه وحكم الطلاق في الايقاع والاقرار في القياس عندي سواء. وقال في كتاب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى لا ترث المبتوتة (قال المزني) وقد احتج الشافعي رحمه الله على من قال إذا ادعيا ولدا فمات ورثه كل واحد منهما نصف ابن وإن ماتا ورثهما كمال أب فقال الشافعي الناس يرثون من يورثون فألزمهم تناقض قولهم إذا لم يجعلوا الابن منهما كهما منه في الميراث فكذلك إنما ترث الزوجة الزوج من حيث يرثها فإذا ارتفع المعنى الذي يرثها به لم ترثه وهذا أصح في القياس وكذا قال عبد الرحمن بن عوف ما قررت من كتاب الله ولا من سنة رسوله وتبعه ابن الزبير.
باب الشك في الطلاق (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الشيطان لعنه الله يأتي أحدكم فينفخ بين أليتيه فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يشم ريحا " علمنا أنه لم يزل يقين طهارة إلا بيقين حدث فكذلك من استيقن نكاحا ثم شك في الطلاق لم يزل اليقين إلا باليقين (قال) ولو قال حنثت بالطلاق أو في العتق وقف عن نسائه ورقيقه حتى يبين ويحلف للذي يدعى فإن مات قبل ذلك أقرع بينهم فإن خرج السهم على الرقيق عتقوا من رأس المال وإن وقعت على النساء لم يطلقن ولم يعتق الرقيق والورع أن يدعن ميراثه ولو قال إحداكما طالق ثلاثا منع منهما وأخذ بنفقتهما حتى يبين فإن قال لم أرد هذه بالطلاق كان إقرارا منه للأخرى ولو قال أخطأت بل هي هذه طلقتا معا بإقراره فإن ماتتا أو إحداهما قبل أن يبين وقفنا له من كل واحدة منهما ميراث زوج وإذا قال لإحداهما هذه التي طلقت رددنا على أهلها ما وقفنا له وأحلفناه لورثة الأخرى ولو كان هو الميت وقفنا لهما ميراث امرأة حتى يصطلحا فإن ماتت واحدة قبله ثم مات بعدها فقال وارثه طلق طلق الأولى ورثت الأخرى بلا يمين وإن قال طلق الحية فيها قولان أحدهما أنه يقوم مقام الميت فيحلف أن الحية هي التي طلق ثلاثا ويأخذ ميراثه من الميتة قبله وقد يعلم ذلك بخبره أو بخبر غيره ممن يصدقه. والقول الثاني أنه يوقف له ميراث زوج من الميتة قبله وللحية ميراث امرأة منه حتى يصطلحا.
باب ما يهدم الرجل من الطلاق من كتابين (قال الشافعي) رحمه الله: لما كانت الطلقة الثالثة توجب التحريم كانت إصابة زوج غيره توجب التحليل ولما لم يكن في الطلقة ولا في الطلقتين ما يوجب التحريم لم يكن لإصابة زوج غيره معنى يوجب التحليل فنكاحه وتركه سواء ورجع محمد بن الحسن إلى هذا واحتج الشافعي رحمه الله بعمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلا سأله عمن طلق امرأته اثنتين فانقضت عدتها فتزوجت غيره فطلقها أو مات عنها وتزوجها الأول قال عمر هي عنده على ما بقي من الطلاق.