سبيلها أنها لأهل الفئ والمجاهدين وأما النعم التي تفضل عن سهمان أهل الصدقات فيعاد بها على أهلها وأما نعم الجزية فقوة لأهل الفئ من المسلمين فلا يبقى مسلم إلا دخل عليه من هذا خصلة صلاح في دينه أو نفسه أو من يلزمه أمره من قريب أو عامة من مستحقي المسلمين فكان ما حمى عن خاصتهم أعظم منفعة لعامتهم من أهل دينهم وقوة على من خالف دين الله عز وجل من عدوهم قد حمى عمر بن الخطاب رضي الله عنه على هذا المعنى بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وولى عليه مولى له يقال له هنى وقال له يا هنى ضم جناحك للناس واتق دعوة المظلوم فإن دعوة فإن دعوة المظلوم مجابة وأدخل رب الصريحة ورب الغنيمة وإياي ونعم ابن عفان ونعم ابن عوف فإنهما أن تهلك ماشيتهما يرجعان إلى نخل وزرع وأن رب الغنيمة يأتيني بعياله فيقول يا أمير المؤمنين يا أمير المؤمنين أفتاركهم أنا؟
لا أبا لك والكلأ أهون من الدرهم والدينار (قال الشافعي) رحمه الله وليس للإمام أن يحمل من الأرض إلا أقلها الذي لا يتبين ضرره على من حماه عليه وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا حمى إلا لله ورسوله " (قال) وكان الرجل العزيز من العرب إذا انتجع بلدا مخصبا أو في بكلب على جبل إن كان به أو نشز إن لم يكن ثم استعوى كلبا وأوقف له من يسمع منتهى صوته بالعواء فحيث انتهى صوته حماه من كل ناحية لنفسه ويرعى مع العامة فيما سواه ويمنع هذا من غيره لضعفي ماشيته وما أراد معها فنرى أن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا حمى إلا لله ورسوله " لا حمى على هذا المعنى الخاص وأن قوله لله فلله كل محمى وغيره ورسوله صلى الله عليه وسلم إنما يحمى لصلاح عامة المسلمين لا لما يحمى له غيره من خاصة نفسه وذلك أنه صلى الله عليه وسلم لم يملك مالا إلا ما لا غنى به وبعياله عنه ومصلحتهم حتى صير ما ملكه الله من خمس الخمس وماله إذا حبس قوت سنته مردودا في مصلحتهم في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله ولان نفسه وماله كان مفرغا لطاعة الله تعالى (قال) وليس لأحد أن يعطى ولا يأخذ من الذي حماه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن أعطيه فعمره نقضت عمارته.
باب ما يكون إحياء (قال الشافعي) رحمه الله والاحياء ما عرفه الناس إحياء لمثل المحيا إن كان مسكنا فبأن يبنى بمثل ما يكون مثله بناء وإن كان للدواب فبأن يبنى محظرة وأقل عمارة الزرع التي تملك بها الأرض أن يجمع ترابا يحيط بها تتبين به الأرض من غيرها ويجمع حرثها وزرعها وإن كان له عين ماء أو بئر حفرها أو ساقه من نهر إليها فقد أحياها وله مرافقها التي لا يكون صلاحها إلا بها ومن أقطع أرضا أو تحجرها فلم يعمرها رأيت للسلطان أن يقول له إن أحييتها وإلا خلينا بينها وبين من يحييها فإن تأجله رأيت أن يفعل.
ما يجوز أن يقطع وما لا يجوز (قال الشافعي) رحمه الله مالا يملكه أحد من الناس يعرف صنفان أحدهما ما مضى ولا يملكه إلا بما يستحدثه فيه والثاني ما لا تطلب المنفعة فيه إلا بشئ يجعل فيه غيره وذلك المعادن الظاهرة والباطنة من الذهب والتبر والكحل والكبريت والملح وغيره وأصل المعادن صنفان ما كان ظاهرا كالملح في الجبال تنتابه الناس فهذا لا يصلح لاحد أن يقطعه بحال والناس فيه شرع وهكذا النهر والماء الظاهر والنبات فيما لا يملك لاحد وقد سأل الأبيض ابن حمال النبي صلى الله عليه أن يقطعه ملح مأرب فأقطعه إياه أو أراده فقيل له إنه كالماء العد فقال " فلا إذن " قال ومثل هذا كل عين ظاهرة كنفط أو قير أو كبريت أو موميا أو حجارة ظاهرة في غير ملك أحد فهو كالماء والكلأ والناس فيه سواء