لم أنقلك وقالت نقلتني فالقول قولها إلا أن تقر هي أنه كان للزيارة أو مدة تقيمها فيكون عليها أن ترجع وتعتد في بيته وفي مقامها قولان (1) أحدهما أن تقيم إلى المدة كما جعل لها أن تقيم في سفرها إلى غاية (قال) وتنتوي البدوية حيث ينتوي أهلها لأن سكن أهل البادية إنما هو سكنى مقام غبطة وظعن غبطه وإذا دلت السنة على أن المرأة تخرج من البذاء على أهل زوجها كان العذر في ذلك المعنى أو أكثر (قال) ويخرجها السلطان فيما يلزمها فإذا فرغت ردها ويكترى عليه إذا غاب ولا نعلم أحدا بالمدينة فيما مضى أكرى منزلا إنما كانوا يتطوعون بإنزال منازلهم وبأموالهم مع منازلهم ولو تكارت فإن طلبت الكراء كان لها من يوم تطلبه وما مضى حق تركته فأما امرأة صاحب السفينة إذا كانت مسافرة معه فكالمرأة المسافرة إن شاءت مضت وإن شاءت شاءت رجعت إلى منزله فاعتدت به.
باب الاحداد من كتابي العدد القديم والجديد (قال الشافعي) رحمه الله ولما قال صلى الله عليه وسلم " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا " وكانت هي والمطلقة التي لا يملك زوجها رجعتها معا في عدة وكانتا غير ذواتي زوجين أشبه أن يكون على المطلقة إحداد كهو على المتوفى عنها والله أعلم فأحب ذلك لها ولا يبين أن أوجبه عليها لأنهما قد تختلفان في حال وإن اجتمعتا في غيره ولو لم يلزم القياس إلا باجتماع كل الوجوه بطل القياس (قال المزني) رحمه الله وقد جعلهما في الكتاب القديم في ذلك سواء وقال فيه ولا تجتنب المعتدة في النكاح الفاسد وأم الولد ما تجتنب المعتدة ويسكن حيث شئن (قال الشافعي) رحمه الله وإنما الاحداد في البدن وترك زينة البدن وهو أن تدخل على البدن شيئا من غيره زينة أو طيبا يظهر عليها فيدعو إلى شهوتها فمن ذلك الدهن كله في الرأس وذلك أن كل الادهان في ترجيل الشعر وإذهاب الشعث سواء وهكذا المحرم يفتدى بأن يدهن رأسه أو لحيته بزيت لما وصفت وأما مد يديها فلا بأس إلا الطيب كما لا يكون بذلك بأس للمحرم وإن خالفت المحرم في بعض أمرها وكل كحل كان زينة فلا خير فيه لها فأما الفارسي وما أشبهه إذ احتاجت إليه فلا بأس لأنه ليس بزينة بل يزيد العين مرها وقبحا وما اضطرت إليه مما فيه زينة من الكحل اكتحلت به ليلا وتمسحه نهارا وكذلك الدمام دخل النبي صلى الله عليه وسلم على أم سلمة وهي حاد على أبى سلمة فقال " ما هذا يا أم سلمة؟ " فقالت إنما هو صبر فقال عليه السلام " اجعليه بالليل وامسحيه بالنهار " (قال الشافعي) الصبر يصفر فيكون زينة وليس بطيب فأذن لها فيه بالليل حيث لا يرى وتمسحه بالنهار حيث يرى وكذلك ما أشبهه (قال) وفي الثياب زينتان إحداهما جمال اللابسين وتستر العورة قال الله تعالى " خذوا زينتكم عند كل مسجد " فالثياب زينة لمن لبسها فإذا أفردت العرب التزين على بعض اللابسين دون بعض فإنما من الصبغ خاصة ولا بأس أن تلبس الحاد كل ثوب من البياض لأن البياض ليس بمزين وكذلك الصوف والوبر وكل ما نسج على وجهه لم يدخل عليه صبغ من خز أو غيره وكذلك كل صبغ لم يرد به تزيين الثوب مثل السواد