إلا أن في الدم خمسين يمينا وفي غيره يمين (قال الشافعي) ولكن لو قال أحدهما قتل أبى عبد الله بن خالد ورجل لا أعرفه وقال الآخر قتل أبى زيد بن عامر ورجل لا أعرفه فهذا خلاف لما مضى لأنه قد يجوز أن يكون الذي جهله أحدهما هو الذي عرفه الآخر فلا يسقط حق واحد منهما في القسامة ولو قال الأول قد عرفت زيدا وليس بالذي قتل مع عبد الله وقال الآخر قد عرفت عبد الله وليس بالذي قتل مع زيد ففيها قولان أحدهما أن يكون لكل واحد القسامة على الذي ادعى عليه ويأخذ حصته من الدية. والقول الثاني أنه ليس لواحد منهما أن يقسم حتى تجتمع دعواهما على واحد (قال المزني) قد قطع بالقول الأول في الباب الذي قبل هذا وهو أقيس على أصله لأن الشريكين عنده في الدم يحلفان مع السبب كالشريكين عنده في المال يحلفان مع الشاهد فإذا أكذب أحد الشريكين صاحبه في الحق حلف صاحبه مع الشاهد واستحق وكذلك إذا أكذب أحد الشريكين صاحبه في الدم حلف صاحبه مع السبب واستحق (قال الشافعي) ومتى قامت البينة بما يمنع إمكان السبب أو بإقرار وقد أخذت الدية بالقسامة ردت الدية باب كيف يمين مدعى الدم والمدعى عليه (قال الشافعي) وإذا وجبت لرجل قسامة حلف بالله الذي لا إليه إلا هو عالم خائنة الأعين وما تخفى الصدور لقد قتل فلان فلانا منفراد بقتله ما شاركه في قتله غيره وإن ادعى على آخر معه حلف لقتل فلان وآخر معه فلانا منفردين بقتله ما شاركهما فيه غيرهما وإن ادعى الجاني أنه برأ من الجراح زاد وما برأ من جراحة فلان حتى مات منها وإذا حلف المدعى عليه حلف كذلك ما قتل فلانا ولا أعان على قتله ولا ناله من فعله ولا بسبب فعله شئ جرحه ولا وصل إلى شئ من بدنه لأنه قد يرمى فيصيب شيئا فيطير الذي أصابه فيقتله ولا أحدث شيئا مات منه فلان لأنه قد يحفر البئر ويضع الحجر فيموت منه ولو لم يزده السلطان على حلفه بالله أجزأه لأن الله تعالى جعل بين المتلاعنين الايمان بالله.
باب دعوى الدم في الموضع الذي فيه قسامة (قال الشافعي) وإذا وجد قتيل في محلة قوم يخالطهم غيرهم أو في صحراء أو مسجد أو سوق فلا قسامة وإن ادعى وليه على أهل المحلة لم يحلف إلا من أثبتوه بعينه وإن كانوا ألفا فيحلفون يمينا يمينا لأنهم يزيدون على خمسين فإن لم يبق منهم إلا واحد حلف خمسين يمينا وبرئ فإن نكلوا حلف ولاة الدم خمسين يمينا واستحقوا الدية في أموالهم إن كان عمدا وعلى عواقلهم في ثلاث سنين إن كان خطأ (قال) وفي ديات العمد على قدر حصصهم والمحجور عليه وغيره سواء لأن إقراره بالجناية يلزمه في ماله والجناية خلاف الشراء والبيع وكذلك العبد إلا في إقراره بجناية لا قصاص فيها فإنه لا يباع فيها لأن ذلك في مال غيره فمتى عتق لزمه (قال المزني) فكما لم يضر سيده إقراره بما يوجب المال فكذلك لا يضر عاقلة الحر قوله بما يوجب عليهم المال (قال الشافعي) ومن كان منهم سكران لم يحلف حتى يصحو (قال المزني) هذا يدل على إبطال طلاق السكران الذي لا يعقل ولا يميز وقد قيل لا يبرأ المدعى عليهم إلا بخمسين يمينا كل واحد منهم ولا يحتسب لهم يمين غيره وهكذا الدعوى فيما دون النفس وقيل يلزمه من الايمان على قدر الدية في اليد خمس وعشرون وفي الموضحة ثلاثة أيمان (قال المزني) رحمه الله وقد قال في أول باب من القسامة ولا تجب القسامة في دون النفس وهذا عندي أولى بقول العلماء.