باب كفارة القتل (قال الشافعي) رحمه الله: قال الله تعالى " ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله " وقال تعالى " فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة " يعنى في قوم في دار حرب خاصة ولم يجعل له قودا ولا دية إذا قتله وهو لا يعرفه مسلما وذلك أن يغير أو يقتله في سرية أو يلقاه منفراد بهيئة المشركين وفي دارهم أو نحو ذلك (قال) " وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة " (قال الشافعي) وإذا وجبت عليه كفارة القتل في الخطأ وفي قتل المؤمن في دار الحرب كانت الكفارة في العمد أولى (قال المزني) رحمه الله واحتج بأن الكفارة في قتل الصيد في الاحرام والحرم عمدا أو خطأ سواء إلا في المأثم فكذلك كفارة القتل عمدا أو خطأ سواء إلا في المأثم.
باب لا يرث القاتل من كتاب اختلاف أبي حنيفة وأهل المدينة (قال الشافعي رحمه الله قال أبو حنيفة لا يرث قاتل خطأ ولا عمدا إلا أن يكون مجنونا أو صبيا فلا يحرم الميراث لأن القلم عنهما مرفوع وقال أهل المدينة لا يرث قاتل عمد ولا يرث قاتل خطأ من الدية ويرث من سائر ماله، قال محمد بن الحسن هل رأيتم وارثا يرث بعض مال رجل دون بعض إما أن يرث الكل أو لا يرث شيئا (قال الشافعي) رحمه الله يدخل على محمد بن الحسن أنه يسوى بين المجنون والصبي وبين البالغ الخاطئ في قتل الخطأ ويجعل على عواقلهم الدية ويرفع عنهم المأثم فكيف ورث بعضهم دون بعض وهم سواء في المعنى (قال) ويدخل على أصحابنا ما دخل على محمد بن الحسن وليس في الفرق بين قاتل خطأ لا يرث وقاتل عمد خبر يلزم ولو كان ثابتا كانت فيه الحجة (قال المزني) رحمه الله فمعنى تأويله إذا لم يثبت فرق أنهما سواء في أنهما لا يرثان وقد قطع بهذا المعنى في كتاب قتال أهل البغى فقال إذا قتل العادل الباغي أو الباغي العادل لا يتوارثان لأنهما قاتلان قال وهذا أشبه بمعنى الحديث.
باب الشهادة على الجناية (قال الشافعي) رحمه الله ولا يقبل في القتل وجراح العمد والحدود سوى الزنا إلا عدلان ويقبل شاهد وامرأتان ويمين وشاهد فيما لا قصاص فيه مثل الجائفة وجناية من لا قود عليه من معتوه وصبي ومسلم على كافر وحر على عبد وأب على ابن لأن ذلك مال فإن كان الجرح هاشمة أو مأمومة لم أقبل أقل من شاهدين لأن الذي شج إن أراد أن آخذ له القصاص من موضحة فعلت لأنها موضحة وزيادة (قال) ولو شهدا أنه ضربه بسيف وقفتهما فإن قالا فأنهر دمه ومات مكانه قبلتهما وجعلته قاتلا وإن قالا لا ندري أنهر دمه أم لا بل رأيناه سائلا لم أجعله جارحا حتى يقولا أوضحه هذه الموضحة بعينها ولو شهدا على رجلين أنهما قتلاه وشهد الآخران على الشاهدين الأولين أنهما قتلاه وكانت شهادتهما في مقام واحد فإن صدقهما ولى الدم معا أبطلت الشهادة وإن صدق اللذين شهدا أولا قبلت شهادتهما وجعلت الآخرين دافعين بشهادتهما وإن صدق اللذين شهدا آخرا أبطلت شهادتهما لأنهما يدفعان بشهادتهما