يخالفان ما رويتم عنه وقد أجزتم شهادة أهل الذمة وهم غير الذين شرط الله عز وجل أن تجوز شهادتهم ورددتم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليمين مع الشاهد قال فإنا أجزنا شهادة أهل الذمة بقول الله عز وجل " أو آخران من غيركم " قلت سمعت من أرضى يقول من غير قبيلتكم من المسلمين ويحتج بقول الله عز وجل " تحبسونهما من بعد الصلاة " قلت والمنزل فيه هذه الآية رجل من العرب فأجزت شهادة مشركي العرب بعضهم على بعض قال لا إلا شهادة أهل الكتاب قلت فإن قال قائل لا إلا شهادة مشركي العرب فما الفرق فقلت له أفتجيز اليوم شهادة أهل الكتاب على وصية مسلم كما زعمت أنها في القرآن؟ قال لا لأنها منسوخة قلت بماذا؟ قال بقول الله عز وجل " وأشهدوا ذوي عدل منكم " قلت فقد زعمت بلسانك أنك خالفت القرآن إذ لم يجز الله إلا مسلما فأجزت كافرا وقال لي قائل إذا نص الله حكما في كتابه فلا يجوز أن يكون سكت عنه وقد بقي منه شئ ولا يجوز لاحد أن يحدث فيه ما ليس في القرآن قلت فقد نص الله عز وجل الوضوء في كتابه فأحدث فيه المسح على الخفين ونص ما حرم من النساء وأحل ما وراءهن فقلت لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ونص المواريث فقلت لا يرث قاتل ولا مملوك ولا كافر وإن كانوا ولدا أو والدا ونص حجب الام بالاخوة فحجبتها بأخوين ونص للمطلقة قبل أن تمس نصف المهر ورفع العدة فقلت إن خلا بها ولم يمسها فلها المهر وعليها العدة فهذا أحكام منصوصة في القرآن فهذا عندك خلاف ظاهر القرآن واليمين مع الشاهد لا يخالف ظاهر القرآن شيئا والقرآن عربي فيكون عاما يراد به الخاص وكل كلام احتمل في القرآن معاني فسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تدل على أحد معانيه موافقة له لا مخالفة للقرآن (قال الشافعي) رحمه الله وما تركنا من الحجة عليهم أكثر مما كتبناه وبالله التوفيق.
باب موضع اليمين (قال الشافعي) رحمه الله من ادعى مالا فأقام عليه شاهدا أو ادعى عليه مال أو جناية خطأ بأن بلغ ذلك عشرين دينارا أو ادعى عبد عتقا تبلغ قيمته عشرين دينارا أو ادعى جراحة عمد صغرت أو كبرت أو في طلاق أو لعان أو حد أو رد يمين في ذلك فإن كان الحكم بمكة كانت اليمين بين المقام والبيت وإن كان بالمدينة كانت على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كانت ببلد غير مكة والمدينة أحلف بعد العصر في مسجد ذلك البلد بما تؤكد به الايمان ويتلى عليه " إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا " الآية قال وهذا قول حكام المكيين ومفتيهم ومن حجتهم فيه أن عبد الرحمن بن عوف رأى قوما يحلفون بين المقام والبيت فقال أعلى دم؟ قالوا لا قال أفعلى أمر عظيم؟ قالوا لا قال لقد خشيت أن يتهاون الناس بهذا المقام قال فذهبوا إلى أن العظيم من الأموال ما وصفت من عشرين دينارا فصاعدا قال ابن أبي مليكة كتب إلى ابن عباس في جاريتين ضربت إحداهما الأخرى أن أحبسهما بعد العصر ثم أقرأ عليهما " إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا " ففعلت فاعترفت قال واستدللت بقول الله جل ثناؤه تحبسونهما من بعد الصلاة قال المفسرون صلاة العصر على تأكيد اليمين على الحالف في الوقت الذي تعظم فيه اليمين وبكتاب أبى بكر الصديق رضي الله عنه يحلف عند المنبر منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وما بلغني أن عمر حلف على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في خصومة بينه وبين رجل وأن عثمان ردت عليه اليمين على المنبر فاتقاها وقال أخاف أن توافق قد بلاء فيقال بيمينه قال وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأهل العلم ببلدنا دار السنة والهجرة وحرم الله عز وجل وحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتدينا والمسلمون البالغون