المكرى فالكراء لصاحبه فإذا تم سكناه بيعت للغرماء ولو أكراه سنة ولم يقبض الكراء ثم فلس المكترى كان للمكري فسخ الكراء ولو قسم الحاكم ماله بين غرمائه ثم قدم آخرون رده عليهم بالحصص وإذا أراد الحاكم بيع متاعه أو رهنه أحضره أو وكيله ليحصى ثمن ذلك فيدفع منه حق الرهن من ساعته وينبغي أن يقول لغرماء المفلس ارتضوا بمن يكون على يديه الثمن وبمن ينادى على متاعه فيمن يزيد ولا يقبل الزيادة إلا من ثقة وأحب أن يرزق من ولى هذا من بيت المال فإن لم يكن ولم يعمل إلا بجعل شاركوه فإن لم يتفقوا اجتهد لهم ولم يعط شيئا وهو يجد ثقة يعمل بغير جعل ويباع في موضع سوقه وما فيه صلاح ثمن المبيع ولا يدفع إلى من اشترى شيئا حتى يقبض الثمن وما ضاع من الثمن فمن مال المفلس ويبدأ في البيع بالحيوان ويتأنى بالمساكن بقدر ما يرى أهل البصر بها أنها قد بلغت أثمانها وإن وجد الإمام ثقة يسلفه المال حالا لم يجعله أمانة وينبغي إذا رفع إليه أن يشهد أنه وقف ماله عنه فإذا فعل ذلك لم يجز له أن يبيع ولا يهب وما فعل من هذا ففيه قولان أحدهما أنه موقوف فإن فضل جاز فيه ما فعل والآخر أن ذلك باطل (قال المزني) قلت أنا قد قطع في المكاتب إن كاتبه بعد الوقف فأدى لم يعتق بحال (قال) وإذا أقر بدين زعم أنه لزمه قبل الوقف ففيها قولان: أحدهما أنه جائز كالمريض يدخل مع غرمائه وبه أقول والثاني أن إقراره لازم له في مال إن حدث له أو يفضل عن غرمائه وقد ذهب بعض المفتين إلى أن ديون المفلس إلى أجل تحل حلولها على الميت وقد يحتمل أن يؤخر المؤخر عنه لأن له ذمة وقد يملك والميت بطلت ذمته ولا يملك بعد الموت (قال المزني) قلت أنا هذا أصح وبه قال في الاملاء (قال الشافعي) ولو جنى عليه عمدا لم يكن عليه أخذ المال إلا أن يشاء (قال) وليس على المفلس أن يؤاجر وذو العسرة ينظر إلى ميسرة ويترك له من ماله قدر مالا غنى به عنه وأقل ما يكفيه وأهله يومه من الطعام والشراب وإن كان لبيع ماله حبس أنفق منه عليه وعلى أهله كل يوم أقل ما يكفيهم من نفقة وكسوة كان ذلك في شتاء أو صيف حتى يفرغ من قسم ماله بين غرمائه وإن كانت ثيابه كلها عوالي مجاوزة القدر اشترى له من ثمنها أقل ما يلبس أقصد ما يكفيه في مثل حاله ومن تلزمه مؤنته وإن مات كفن ومن رأس ماله قبل الغرماء وحفر قبره وميز بأقل ما يكفيه وكذلك من يلزمه أن يكفنه ثم قسم الباقي بين غرمائه ويباع عليه مسكنه وخادمه لأن من ذلك بدا وإن أقام شاهدا على رجل بحق ولم يحلف مع شاهده فليس للغرماء أن يحلفوا ليس لهم إلا ماتم ملكه عليه دونهم.
باب الدين على الميت (قال الشافعي) من بيع عليه في دين بعد موته أو في حياته أو تفليسه فهذا كله سواء والعهدة في مال الميت كهى في مال الحي لا اختلاف في ذلك عندي ولو بيعت داره بألف وقبض أمين القاضي الثمن فهلك من يده واستحقت الدار فلا عهدة على الغريم الذي بيعت له وأحق الناس بالعهدة المبيع عليه فإن وجد له مال بيع ثم رد على المشترى ماله لأنه مأخوذ منه ببيع ولم يسلم له فإن لم يوجد له شئ فلا ضمان على القاضي ولا أمينه ويقال للمشترى أنت غريم المفلس أو الميت كغرمائه سواء.
باب جواز حبس من عليه الدين (قال الشافعي) وإذا ثبت عليه الدين بيع ما ظهر له ودفع ولم يحبس وإن لم يظهر حبس وبيع ما قدر عليه من ماله فإن ذكر عسره قبلت منه البينة لقول الله عز وجل " وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة " وأحلفه مع ذلك بالله وأخليه