(قال) ولا بأس أن يسلف في الشئ كيلا وإن كان أصله وزنا ويسلف في لحم الطير بصفة ووزن غير أنه لاسن له يعنى يعرف فيوصف بصغير أو كبير وما احتمل أن يباع مبعضا وصف موضعه وكذلك الحيتان وما ضبطت صفته من خشب ساج أو عيدان قسى من طول أو عرض جاز فيه السلم وما لم يكن لم يجز وكذلك حجارة الارحاء والبنيان والآنية (قال) ويجوز السلف فيما لا ينقطع من العطر في أيدي الناس بوزن وصفة كغيره والعنبر منه الأشهب والأخضر والأبيض ولا يجوز حتى يسمى وإن سماه قطعة أو قطعا صحاحا لم يكن له أن يعطيه مفتتا ومتاع الصيادلة كمتاع العطارين ولا خير في شراء شئ خالطه لحوم الحيات من الدرياق لأن الحيات محرمات ولا ما خالطه لبن ما لا يؤكل لحمه من غير الآدميين ولو أقاله بعض السلم وقبض بعضا فجائز قال ابن عباس ذلك المعروف وأجازه عطاء (قال) وإذا أقاله فبطل عنه الطعام وصار عليه ذهبا تبايعا بعد بالذهب ما شاءا وتقابضا قبل أن يتفرقا من عرض وغيره ولا يجوز في السلف الشركة ولا التولية لأنهما بيع والإقالة فسخ بيع ولو عجل له قبل محله أدنى من حقه أجزته ولا أجعل للتهمة موضعا.
باب ما لا يجوز السلم فيه (قال الشافعي) ولا يجوز السلم في النبل لأنه لا يقدر على ذرع ثخانتها لرقتها ولا وصفه ما فيها من ريش وعقب وغيره ولا في اللؤلؤ ولا في الزبرجد ولا الياقوت من قبل أنى لو قلت لؤلؤة مدحرجة صافية صحيحة مستطيلة وزنها كذا فقد تكون الثقيلة الوزن وزن شئ وهي صغيرة وأخرى أخف منها وهي كبيرة متفاوتتين في الثمن ولا أضبط أن أصفها بالعظم ولا يجوز السلم في جوز ولا رانج ولا قثاء ولا بطيخ ولا رمان ولا سفرجل عددا لتباينها إلا أن يضبط بكيل أو وزن فيوصف بما يجوز (قال) وأرى الناس تركوا وزن الرؤوس لما فيها من الصوف وأطراف المشافر والمناخر وما أشبه ذلك لأنه لا يؤكل فلو تحامل رجل فأجاز السلف فيه لم يجز إلا موزونا (قال) ولا يجوز السلف في جلود الغنم ولا جلود غيرها ولا إهاب من رق لأنه لا يمكن فيه الذرع لاختلاف خلقته ولا السلف في خفين ولا نعلين ولا السلف في البقول حزما حتى يسمى وزنا وجنسا وصغيرا أو كبيرا وأجلا معلوما.
باب التسعير (قال الشافعي) أخبرنا الدراوردي عن داود بن صالح التمار عن القاسم بن محمد عن عمر أنه مر بحاطب ابن أبي بلتعة بسوق المصلى وبين يديه غرارتان فيهما زبيب فسأله عن سعرهما فسعر له مدين بدرهم فقال عمر لقد حدثت بعير مقبلة من الطائف تحمل زبيبا وهم يعتبرون سعرك فإما أن ترفع في السعر وإما أن تدخل زبيبك البيت فتبيعه كيف شئت فلما رجع عمر حاسب نفسه ثم أتى حاطبا في داره فقال له إن الذي قلت لك ليس بعزيمة منى ولا قضاء إنما هو شئ أردت به الخير لأهل البلد فحيث شئت فبع وكيف شئت فبع (قال الشافعي) وهذا الحديث مستقصى ليس بخلاف لما روى مالك ولكنه روى بعض الحديث أو رواه من روى عنه وهذا أتى بأول الحديث وآخره وبه أقول لأن الناس مسلطون على أموالهم ليس لأحد أن يأخذها ولا شيئا منها بغير طيب أنفسهم إلا في المواضع التي تلزمهم وهذا ليس منها.