(قال المزني) أصل قول الشافعي أن المحبس أزال ملك رقبته لله عز وجل وإنما يملك المحبس عليه منفعته لا رقبته كما أزال المعتق ملكه عن رقبة عبده وإنما يملك المعتق منفعة نفسه لا رقبته وهو لا يجيز اليمين مع الشاهد إلا فيما يملكه الحالف فكيف يخرج رقبة ملك رجل بيمين من لا يملك تلك الرقبة وهو لا يجيز يمين العبد مع شاهده بأن مولاه أعتقه لأنه لا يملك ما كان السيد يملكه من رقبته فكذلك ينبغي في قياس قوله أن لا يجيز يمين المحبس عليه في رقبته الحبس لأنه لا يملك ما كان المحبس يملكه من رقبته (قال المزني) وإذا لم تزل رقبة الحبس بيمينه بطل الحبس من أصله وهذا عندي قياس قوله على أصله الذي وصفت ولو جاز الحبس على ما وصف الشافعي ما جاز أن يقر أهله أن لهم شريكا وينكر الشريك الحبس فيأخذون حقه لامتناعه من أن يحلف معهم فأصل قوله أن حق من لم يحلف موقوف حتى يحلف له ووارثه إن مات يقوم مقامه ولا يأخذ من حق أقر به لصاحبه شيئا لأن أخذه ذلك حرام.
باب الخلاف في اليمين مع الشاهد (قال الشافعي) رحمه الله قال بعض الناس فقد أقمتم اليمين مقام شاهد قلت وإن أعطيت بها كما أعطيت بشاهد فليس معناها معنى شاهد وأنت تبرئ المدعى عليه بشاهدين وبيمينه إن لم يكن له بينة وتعطى المدعى حقه بنكول صاحبه كما تعطيه بشاهدين أفمعنى ذلك معنى شاهدين؟ قال فكيف يحلف مع شاهده على وصية أوصى بها ميت أو أن لأبيه حقا على رجل (1) وهو صغير وهو إن حلف حلف على ما لم يعلم قلت فأنت تجيز أن يشهد أن فلانا ابن فلان وأبوه غائب لم يرياه قط ويحلف ابن خمس عشرة سنة مشرقيا اشترى عبدا ابن ماية سنة مغربيا ولد قبل جده فباعه فأبق أنك تحلفه لقد باعه بريئا من الإباق على البت قال ما يجد الناس بدا من هذا غير أن الزهري أنكرها قلت فقد قضى بها حين ولى أرأيت ما رويت عن علي من إنكاره على معقل حديث بروع أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل لها المهر والميراث ورد حديثه ومع علي زيد وابن عمر فهل رددت شيئا بالانكار فكيف يحتج بإنكار الزهري وقلت له ويكف حكمت بشهادة قابلة في الاستهلال وهو ما يراه الرجال أم كيف حكمت على أهل محلة وعلى عواقلهم بدية الموجود قتيلا في محلتهم في ثلاث سنين وزعمت أن القرآن يحرم أن يجوز أقل من شاهد وامرأتين وزعمت أن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تدل على أن اليمين براءة لمن حلف فخالفت في جملة قولك الكتاب والسنة أرأيت لو قال لك أهل المحلة أتدعى علينا فأحلف جميعنا وأبرئنا قال لا أحلفهم إذا جاوزوا خمسين رجلا ولا أبرئهم بإيمانهم وأغرمهم قلت فكيف جاز لك هذا قال روينا هذا عن عمر بن الخطاب رحمة الله عليه فقلت فإن قيل لك لا يجوز على عمر أن يخالف الكتاب والسنة وقال عمر نفسه البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه قال لا يجوز أن أتهم من أثق به ولكن أقول بالكتاب والسنة وقول عمر على الخاص: قلت فلم لم يجز لنا من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أجزت لنفسك من عمر؟ قلت وقد رويتم أن عمر كتب فجلبهم إلى مكة وهو مسيرة اثنين وعشرين يوما فأحلفهم في الحجر وقضى عليهم بالدية فقالوا ما وقت أموالنا أيماننا ولا أيماننا أموالنا فقال حقنتم بأيمانكم دماءكم فخالفتم في ذلك عمر فلا أنتم أخذتم بكل حكمه ولا تركتموه ونحن نروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاسناد الصحيح أنه بدأ في القسامة بالمدعين فلما لم يحلفوا قال تبرئكم يهود بخمسين يمينا وإذ قال تبرئكم يهود فلا يكون عليهم غرم ويروى عن عمر أنه بدى المدعى عليهم ثم رد اليمين على المدعين وهذان جميعا