قبل الحول فإن كان يسرهما مما دفع إليهما فإنما بورك لهما في حقهما فلا يؤخذ منهما وإن كان يسرهما من غير ما أخذا أخذ منهما ما دفع إليهما لأن الحول لم يأت إلا وهما من غير أهل الصدقة ولو عجل رب المال زكاة مائتي درهم قبل الحول وهلك ماله قبل الحول فوجد عين ماله عند المعطى لم يكن له الرجوع به لأنه أعطى من ماله متطوعا لغير ثواب ولو مات المعطى قبل الحول وفي يدي رب المال مائتا درهم إلا خمسة دراهم فلا زكاة عليه وما أعطى كما تصدق به أو أنفقه في هذا المعنى ولو كان رجل له مال لا تجب في مثله الزكاة فأخرج خمسة دراهم فقال إن أفدت مائتي درهم فهذه زكاتها لم يجز عنه لأنه دفعها بلا سبب مال تجب في مثله الزكاة فيكون قد عجل شيئا لبس عليه إن حال عليه فيه حول وإذا عجل شاتين من مائتي شاة فحال الحول وقد زادت شاة أخذ منها شاة ثالثة فيجزى عنه ما أعطى منه ولا يسقط تقديمه الشاتين الحق عليه في الشاة الثالثة لأن الحق إنما يجب عليه بعد الحول كما لو أخذ منها شاتين فحال الحول وليس فيها إلا شاة رد عليه شاة.
باب النية في إخراج الصدقة (قال الشافعي) وإذا ولى إخراج زكاته لم يجزه إلا بنية أنه فرض ولا يجزئه ذهب عن ورق ولا ورق عن ذهب لأنه غير ما وجب عليه ولو أخرج عشرة دراهم فقال إن كان مالي الغائب سالما فهذه زكاته أو نافلة فكان ماله سالما لم يجزئه لأنه لم يقصد بالنية قصد فرض خالص إنما جعلها مشتركة بين فرض ونافلة ولو قال عن مالي الغائب إن كان سالما فإن لم يكن سالما فنافلة أجزأت عنه لأن إعطاءه عن الغائب هكذا وإن لم يقله ولو أخرجها ليقسمها وهي خمسة دراهم فهلك ماله كان له حبس الدراهم ولو ضاعت منه التي أخرجها من غير تفريط رجع إلى ما بقي من ماله فإن كان في مثله الزكاة زكاه وإلا فلا شئ عليه وإذا أخذ الوالي من رجل زكاته بلا نية في دفعها إليه أجزأت عنه كما يجزئ في القسم لها أن يقسمها عنه وليه أو السلطان ولا يقسمها بنفسه وأحب أن يتولى الرجل قسمها عن نفسه ليكون على يقين من أدائها عنه.
باب ما يسقط الصدقة عن الماشية (قال الشافعي) يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " في سائمة الغنم زكاة " وإذا كان هذا ثابتا فلا زكاة في غير سائمة وروى عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ليس في البقر والإبل العوامل صدقة حتى تكون سائمة والسائمة الراعية وذلك أن يجتمع فيها أمران أن لا يكون لها مؤنة في العلف ويكون لها نماء الرعى فأما إن علفت فالعلف مؤنة تحبط بفضلها وقد كانت النواضح على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خلفائه فلم أعلم أحدا روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ منها صدقة ولا أحدا من خلفائه (قال) وإن كانت العوامل ترعى مدة وتترك أخرى أو كانت غنما تعلف في حين وترعى في آخر فلا يبين لي أن في شئ منها صدقة وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ليس على المسلم في عبده ولا فرصه صدقة " (قال) ولا صدقة في خيل ولا في شئ من الماشية عدا الإبل والبقر والغنم بدلالة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك (قال المزني) قال قائلون في الإبل والبقر والغنم المستعملة وغير المستعملة ومعلوفة وغير معلوفة سواء فالزكاة فيها لأن النبي صلى الله عليه وسلم فرض فيها الزكاة وهو قول المدنيين يقال لهم وبالله التوفيق وكذلك فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة في الذهب والورق كما فرضها في الإبل والبقر فزعمتم أن ما استعمل من الذهب والورق فلا زكاة فيه وهي ذهب وورق كما أن الماشية