باب الزيادة في السلف وضبط ما يكال وما يوزن (قال الشافعي) وأصل ما يلزم المسلف قبول ما سلف فيه أنه يأتيه به من جنسه فإن كان زائدا يصلح لما يصلح له ما سلف فيه أجبر على قبضه وكانت الزيادة تطوعا فإن اختلف في شئ من منفة أو ثمن كان له أن لا يقبله وليس له إلا أقل ما تقع عليه الصفة وإن كانت حنطة فعليه أن يوفيه إياها نقية من التبن والفصل والمدر والزوان والشعير وغيره وليس عليه أن يأخذ التمر إلا جافا ولو كان لحم طائر لم يكن عليه أن يأخذ في الوزن الرأس والرجلين من دون الفخذين لأنه لا لحم عليها وإن كان لحم حيتان لم يكن عليه أن يأخذ في الوزن والرأس ولا الذنب من حيث لا يكون عليه لحم وإن أعطاه مكان كيل وزنا أو مكان وزن كيلا أو مكان جنس غيره لم يجز بحال لأنه بيع السلم قبل أن يستوفى وأصل الكيل والوزن بالحجاز فكل ما وزن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصله الوزن وما كيل فأصله الكيل وما أحدث الناس رد إلى الأصل ولو جاءه بحقه قبل محله فإن كان نحاسا أو تبرا أو عرضا غير مأكول ولا مشروب ولا ذي روح أجبرته على أخذه وإن كان مأكولا أو مشروبا فقد يريد أكله وشربه جديدا وإن كان حيوانا فلا غنى به عن العلف أو الرعى فلا نجبره على أخذه قبل محله لأنه يلزمه فيه مؤنة إلى أن ينتهى إلى وقته فعلى هذا، هذا الباب كله وقياسه.
باب الرهن (قال الشافعي) أذن الله جل ثناؤه بالرهن في الدين والدين حق فكذلك كل حق لزم في حين الرهن وما تقدم الرهن وقال الله تبارك وتعالى " فرهان مقبوضة " (قال) ولا معنى للرهن حتى يكون مقبوضا من جائز الامر حين رهن وحين أقبض وما جاز بيعه جاز رهنه وقبضه من مشاع وغيره ولو مات المرتهن قبل القبض فللراهن تسليم الرهن إلى وارثه ومنعه ولو قال أرهنك داري على أن تداينني فداينه لم يكن رهنا حتى يعقد الرهن مع الحق أو بعده (قال) حدثنا الربيع عن الشافعي قال لا يجوز إلا معه أو بعده فأما قبله فلا رهن قال ويجوز ارتهان الحاكم وولى المحجور عليه له ورهنهما عليه في النظر له وذلك أن يبيعا ويفضلا ويرتهنا فأما أن يسلفا ويرتهنا فهما ضامنان لأنه لا فضل له في السلف يعنى القرض ومن قلت لا يجوز ارتهانه إلا فيما يفضل من ولى ليتيم أو أب لابن طفل أو مكاتب أو عبد مأذون له في التجارة فلا يجوز له أن يرهن شيئا لأن الرهن أمانة والدين لازم (قال) فالرهن نقص عليهم فلا يجوز أن يرهنوا إلا حيث يجوز أن يودعوا أموالهم من الضرورة بالخوف إلى تحويل أموالهم أو ما أشبه ذلك ولو كان لابنه الطفل عليه حق جاز أن يرتهن له شيئا من نفسه لأنه يقوم مقامه في القبض له وإذا قبض الرهن لم يكن لصاحبه إخراجه من الرهن حتى يبرأ مما فيه من الحق ولو أكرى الرهن من صاحبه أو أعاره إياه لم ينفسخ الرهن ولو رهنه وديعة له في يده وأذن له بقبضه فجاءت عليه مدة يمكنه أن يقبضه فيها فهو قبض لأن قبضه وديعة غير قبضه رهنا (قال) ولو كان في المسجد والوديعة في بيته لم يكن قبضا حتى يصير إلى منزله وهي فيه ولا يكون القبض إلا ما حضره المرتهن أو وكيله لا حائل دونه والاقرار بقبض الرهن جائز إلا فيما لا يمكن في مثله فإن أراد الراهن أن يحلف المرتهن أنه قبض ما كان أقر له بقبضه أحلفته والقبض في العبد والثوب وما يحول أن يأخذه مرتهنه من يدي راهنه وقبض مالا يحول من أرض ودار أن يسلم لا حائل دونه وكذلك الشقص وشقص السيف أن يحول حتى يضعه الراهن والمرتهن على يدي عدل أو يدي الشريك ولو كان في يدي المرتهن بغصب