ليست على الأحساب وإنما هي على الأديان وكان أهل الكتاب المشهور عند العامة أهل التوراة من اليهود والإنجيل من النصارى وكانوا من بني إسرائيل وأحطنا بأن الله تعالى أنزل كتبا غير التوراة والإنجيل والفرقان بقوله تعالى " أم لم ينبأ بما في صحف * موسى وإبراهيم الذي وفي " وقال تعالى " وإنه لفى زبر الأولين " فأخبر أن له كتابا سوى هذا المشهور قال فأما قول أبى يوسف لا تؤخذ الجزية من العرب فنحن كنا على هذا أحرص ولولا أن نأثم بتمني باطل لوددناه كما قال وأن لا يجرى على عرب صغار ولكن الله أجل في أعيننا من أن نحب غير ما حكم الله به تعالى (قال) والمجوس أهل كتاب دانوا بغير دين أهل الأوثان وخالفوا اليهود والنصارى في بعض دينهم كما خالفت اليهود والنصارى في بعض دينهم وكانت المجوس في طرف من الأرض لا يعرف السلف من أهل الحجاز من دينهم ما يعرفون من دين اليهود والنصارى حتى عرفوه وأن النبي صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر وقال على ابن أبي طالب رضي الله عنه هم أهل كتاب بدلوا فأصبحوا وقد أسرى بكتابهم وأخذها منهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما (قال الشافعي) رحمه الله: والصابئون والسامرة مثلهم يؤخذ من جميعهم الجزية ولا تؤخذ الجزية من أهل الأوثان ولا ممن عبد ما استحسن من غير أهل الكتاب.
باب الجزية على أهل الكتاب والضيافة وما لهم وعليهم (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: أمر الله تعالى بقتال المشركين من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون قال والصغار أن تؤخذ منهم الجزية وتجرى عليهم أحكام الاسلام ولا نعلم النبي صلى الله عليه وسلم صالح أحدا على أقل من دينار فمن أعطى منهم دينارا غنيا كان أو فقيرا في كل سنة قبل منه ولم يزد عليه ولم يقبل منه أقل من دينار من غنى ولا فقير فإن زادوا قبل منهم وقال في كتاب السير ما يدل على أنه لا جزية على فقير حتى يستغنى (قال المزني) والأول أصح عندي في أصله وأولى عندي بقوله وإن صالحوا على ضيافة ما وظفت ثلاثا قال ويضيف الموسر كذا والوسط كذا ويسمى ما يطعمونهم خبز كذا وأدم كذا ويعلفون دوابهم من التبن والشعير كذا ويضيف من مر به من واحد إلى كذا وأين ينزلونهم من فضول منازلهم أو في كنائسهم أو فيما يكن من حر وبرد ولا يؤخذ من امرأة ولا مجنون حتى يفيق ولا مملوك حتى يعتق ولا صبي حتى ينبت الشعر تحت ثيابه أو يحتلم أو يبلغ خمس عشرة سنة فيلزمه الجزية كأصحابه وتؤخذ من الشيخ الفاني والزمن ومن بلغ وأمه نصرانية وأبوه مجوسي أو أمه مجوسية وأبوه نصراني فجزيته جزية أبيه لأن الأب هو الذي عليه الجزية لست أنظر إلى غير ذلك فأيهم أفلس أو مات فالإمام غريم يضرب مع غرمائه وإن أسلم وقد مضى بعض السنة أخذ منه بقدر ما مضى منها ويشترط عليهم أن من ذكر كتاب الله تعالى أو محمدا صلى الله عليه وسلم أو دين الله بما لا ينبغي أو زنى بمسلمة أو أصابها باسم نكاح أو فتن مسلما عن دينه أو قطع عليه الطريق أو أعان أهل الحرب بدلالة على المسلمين أو آوى عينا لهم فقد نقض عهده وأحل دمه وبرئت منه ذمة الله تعالى وذمة رسوله عليه الصلاة والسلام ويشترط عليهم أن لا يسمعوا المسلمين شركهم وقولهم في عزيز والمسيح ولا يسمعونهم ضرب ناقوس وإن فعلوا عزروا ولا يبلغ بهم الحد ولا يحدثوا في أمصار الاسلام كنيسة ولا مجمعا لصلاتهم ولا يظهروا فيها حمل خمر ولا إدخال خنزير ولا يحدثون بناء يتطولون به بناء المسلمين وأن يفرقوا بين هيئتهم في الملبس والمركب وبين هيئات المسلمين وأن يعقدوا الزنانير على أوساطهم ولا يدخلوا مساجدا ولا يسقوا مسلما خمرا ولا يطعموا خنزيرا فإن كانوا في قرية يملكونها منفردين لم نتعرض لهم في خمرهم وخنازيرهم ورفع بنيانهم وإن كان لهم بمصر المسلمين كنيسة أو بناء طائل لبناء المسلمين