ولا الزنا الصريح وهو النكاح الفاسد أليس سبيلها أن نقيسها بأقرب الأشياء بها شبها؟ قال نعم قلت فقد أشبه الولد عن وطئ بشبهة الولد عن نكاح صحيح في إثبات الولد وإلزام المهر وإيجاب العدة فكذلك يشتبهان في النفي باللعان وقال بعض الناس لا يلاعن إلا حران مسلمان ليس واحد منهما محدودا في قذف وترك ظاهر القرآن واعتل بأن اللعان شهادة وإنما هو يمين ولو كان شهادة ما جاز أن يشهد أحد لنفسه ولكانت المرأة على النصف من شهادة الرجل ولا كان على شاهد يمين ولما جاز التعان الفاسقين لأن شهادتهما لا نجوز فإن قيل قد يتوبان فيجوزان قيل فكذلك العبدان الصالحان قد يعتقان فيجوزنان مكانهما والفاسقان لو تابا لم يقبلا إلا بعد طول مدة يختبران فيها فلزمهم أن يجيزوا لعان الأعميين النحيفين لأن شهادتهما عندهم لا تجوز أبدا كما لا تجوز شهادة المحدودين.
باب أين يكون اللعان (قال الشافعي) روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لاعن بين الزوجين على المنبر قال فإذا لاعن الحاكم بينهما في مكة فبين المقام والبيت أو بالمدينة فعلى المنبر أو ببيت المقدس ففي مسجده وكذا كل بلد قال ويبدأ فيقيم الرجل قائما والمرأة جالسة فيلتعن ثم يقيم المرأة قائمة فتلتعن إلا أن تكون حائضا فعلى باب المسجد أو كانت مشركة التعنت في الكنيسة وحيث تعظم وإن شاءت المشركة أن تحضره في المساجد كلها حضرته إلا أن لا تدخل المسجد الحرام لقول الله تعالى " فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا " (قال المزني) رحمه الله إذا جعل للمشركة أن تحضره في المسجد وعسى بها مع شركها أن تكون حائضا كانت المسلمة بذلك أولى (قال) وإن كانا مشركين ولا دين لهما تحاكما إلينا لاعن بينهما في مجلس الحكم.
باب سنة اللعان ونفى الولد وإلحاقه بالام وغير ذلك من كتابي لعان جديد وقديم ومن اختلاف الحديث (قال الشافعي) رحمه الله تعالى أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلا لاعن امرأته في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وانتفى من ولدها ففرق صلى الله عليه وسلم بينهما وأحلق الولد بالمرأة وقال سهل وابن شهاب فكانت تلك سنة المتلاعنين (قال الشافعي) رحمه الله تعالى ومعنى قولهما فرقة بلا طلاق الزوج (قال) وتفريق النبي صلى الله عليه وسلم غير فرقة الزوج إنما هو تفريق حكم (قال) وإذا قال صلى الله عليه وسلم " الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب؟ " فحكم على الصادق والكاذب حكما واحدا وأخرجهما من الحد " وقال " وإن جاءت به أديعج فلا أراه إلا قد صدق عليها " فجاءت به على النعت المكروه فقال عليه السلام " إن أمره لبين لولا ما حكم الله " فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يستعمل دلالة صدقه عليها وحكم بالظاهر بينه وبينها فمن بعده من الولاة أولى أن لا يستعمل دلالة في مثل هذا المعنى ولا يقضى إلا بالظهار أبدا (قال الشافعي) رحمه الله تعالى في حديث ذكره أنه لما نزلت آية المتلاعنين قال صلى الله عليه وسلم " أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شئ ولن يدخلها الله جنته وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين ".