ولم يلتعن الزوج وأي الزوجين كان أعجميا التعن بلسانه بشهادة عدلين يعرفان لسانه وأحب إلى أن لو كانوا أربعة وإن كان أخرس يفهم الإشارة التعن بالإشارة وإن انطلق لسانه بعد الخرس لم يعد ثم تقام المرأة فتقول أشهد بالله أن زوجي فلانا وتشير إليه إن كان حاضرا لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا ثم تعود حتى تقول ذلك أربع مرات فإذا فرغت وقفها الإمام وذكرها الله تعالى وقال احذري أن تبوئى بغضب من الله إن لم تكوني صادقة في أيمانك فإن رآها تمضى حضرتها امرأة أمرها أن تضع يدها على فيها وإن لم تحضرها ورآها تمضى قال لها قولي وعلى غضب الله إن كان من الصادقين فيما رماني به من الزنا فإذا قالت ذلك فقد فرغت قال وإنما أمرت بوقفهما وتذكيرهما الله لأن ابن عباس رضي الله عنهما حكى أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر رجلا حين لاعن بين المتلاعنين أن يضع يده على فيه في الخامسة وقال إنها موجبة ولما ذكر الله تعالى الشهادات أربعا ثم فصل بينهن باللعنة في الرجل والغضب في المرأة دل على حال افتراق اللعان والشهادات وأن اللعنة والغضب بعد الشهادة موجبان على من أوجبا عليه بأن يجترئ على القول أو الفعل ثم على الشهادة بالله باطلا ثم يزيد فيجترئ على أن يلتعن وعلى أن يدعو بلعنة الله فينبغي للإمام إذا عرف من ذلك ما جهلا أن يقفهما نظرا لهما بدلالة الكتاب والسنة.
باب ما يكون بعد التعان الزوج من الفرقة ونفى الولد وحد المرأة من كتابين قديم وجديد (قال الشافعي) رحمه الله تعالى فإذا أكمل الزوج الشهادة والالتعان فقد زال فراش امرأته ولا تحل له أبدا بحال وإن أكذب نفسه التعنت أو لم تلتعن وإنما قلت هذا لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا سبيل لك عليها " ولم يقل حتى تكذب نفسك وقال في المطلقة ثلاثا " حتى تنكح زوجا غيره " ولما قال عليه الصلاة والسلام " الولد للفراش " وكانت فراشا لم يجز أن ينفى الولد عن الفراش إلا بأن يزول الفراش وكان معقولا في حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ ألحق الولد بأمه أنه نفاه عن أبيه وإن نفيه عنه بيمينه بالتعانه لا بيمين المرأة على تكذيبه بنفيه ومعقول في إجماع المسلمين أن الزوج إذا أكذب نفسه لحق به الولد وجلد الحد إذ لا معنى للمرأة في نفسه وأن المعنى للزوج فيما وصفت من نفيه وكيف يكون لها معنى في يمين الزوج ونفى الولد وإلحاقه والدليل على ذلك ما لا يختلف فيه أهل العلم من أن الام لو قالت ليس هو منك إنما استعرته لم يكن قولها شيئا إذا عرف أنها ولدته على فراشه إلا بلعان لأن ذلك حق للولد دون الام وكذلك لو قال هو ابني وقالت بل زنيت فهو من زنا كان ابنه ألا ترى أن حكم الولد في النفي والاثبات إليه دون أمه فكذلك نفيه بالتعانه دون أمه وقال بعض الناس إذا التعن ثم قالت صدق إني زنيت فالولد لا حق ولا حد عليها ولا لعان وكذلك إن كانت محدودة فدخل عليه أن لو كان فاسقا قذف عفيفة مسلمة والتعنا نفى الولد وهي عند المسلمين أصدق منه وإن كانت فاسقة فصدقته لم ينف الولد فجعل ولد العفيفة لا أب له وألزمها عاره وولد الفاسقة له أب لا ينفى عنه قال وأيهما مات قبل بكمل الزوج اللعان ورث صاحبه والولد غير منفى حتى يكمل ذلك كله فإن امتنع أن يكمل اللعان حد لها وإن طلب الحد الذي قذفها به لم يحد لأنه قذف واحد حد فيه مرة والولد للفراش فلا ينفى إلا على ما نفى به رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك أن العجلاني قذف امرأته ونفى حملها لما استبانه ففاه عنه باللعان ولو أكمل اللعان وامتنعت من اللعان وهي مريضة أو في برد أو حر وكانت ثيبا رجمت وإن كانت بكرا لم تحد حتى تصح وينقضي الحر والبرد ثم تحد لقول الله تعالى " ويدرأ عنها