فاصطلحا بعد الاقرار على أن يكون لأحدهما سطحه والبناء على جدرانه بناء معلوما فجائز (قال المزني) قلت أنا لا يجوز أقيس على قوله في إبطاله أن يعطى رجلا مالا على أن يشرع في بنائه حقا فكذلك لا يجوز الصلح على أن يبنى على جدرانه بناء (قال الشافعي) ولو اشترى علو بيت على أن يبنى على جدرانه ويسكن على سطحه أجزت ذلك إذا سميا منتهى البنيان لأنه ليس كالأرض في احتمال ما يبنى عليها (قال المزني) هذا عندي غير منعه في كتاب أدب القاضي أن يقتسما دارا على أن يكون لأحدهما السفل وللآخر العلو حتى يكون السفل والعلو لواحد (قال الشافعي) ولو كانت منازل سفل في يدي رجل والعلو في يدي آخر فتداعيا العرصة فهي بينهما ولو كان فيها درج إلى علوها فهي لصاحب العلو كانت معقودة أو غير معقودة لأنها تتخذ ممرا وإن انتفع بما تحتها ولو ادعى على رجل زرعا في أرض فصالحه من ذلك على دراهم فجائز لأن له أن يبيع زرعه أخضر ممن يقصله ولو كان الزرع بين رجلين فصالحه أحدهما على نصف الزرع لم يجز من قبل أنه لا يجوز أن يقسم الزرع أخضر ولا يجبر شريكه على أن يقلع منه شيئا.
باب الحوالة (قال الشافعي) أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " مطل الغنى ظلم وإذا اتبع أحدكم على ملئ فليتبع " (قال الشافعي) وفي هذا دلالة أن الحق يتحول على المحال عليه ويبرأ منه المحيل فلا يرجع عليه أبدا كان المحال عليه غنيا أو فقيرا أفلس أو مات معدما غر منه أو لم يغر منه (قال الشافعي) ولو كان كما قال محمد بن الحسن إذا أفلس أو مات مفلسا رجع على المحيل لما صبر المحتال على من أحيل لأن حقه ثابت على المحيل ولا يخلو من أن يكون حقه قد تحول عنى فصار إلى غيري فلم يأخذني بما برئت منه لأن أفلس غيري أو لا يكون حقه تحول عنى فلم أبرأني منه قبل أن يفلس المحال عليه واحتج محمد بن الحسن بأن عثمان رضي الله عنه قال في الحوالة أو الكفالة يرجع صاحبها لا توى على مال مسلم (قال الشافعي) وهو عندي يبطل من وجهين ولو صح ما كان له فيه شئ لأنه لا يدرى قال ذلك في الحوالة أو الكفالة (قال المزني) هذه مسائل تحريت فيها معاني جوابات الشافعي في الحوالة (قال المزني) قلت أنا من ذلك ولو اشترى عبدا بألف درهم وقبضه ثم أحال البائع بالألف على رجل له عليه دين ألف درهم فاحتال ثم إن المشترى وجد بالعبد عيبا فرده بطلت الحوالة وإن رد العبد بعد أن قبض البائع ما احتال به رجع به المشترى على البائع وكان المحال عليه منه بريئا (قال المزني) وفي إبطال الحوالة نظر (قال) ولو كان البائع أحال على المشترى بهذه الألف رجلا له عليه ألف درهم ثم تصادق البائع والمشترى أن العبد الذي تبايعاه حر الأصل فإن الحوالة لا تنتقض لأنهما يبطلان بقولهما حقا لغيرهما، فإن صدقهما المحتال أو قامت بذلك بينة انتقضت الحوالة ولو أحال رجل على رجل بألف درهم وضمنها ثم اختلفا فقال المحيل أنت وكيلي فيها وقال المحتال بل أنت أحلتني بمالي عليك وتصادقا على الحوالة والضمان فالقول قول المحيل والمحتال مدع ولو قال المحتال أحلتني عليه لأقبضه لك ولم تحلني بمالي عليك فالقول قوله مع يمينه والمحيل مدع للبراءة مما عليه فعليه البينة ولو كان لرجل على رجل ألف درهم فأحاله المطلوب بها على رجل له عليه ألف درهم ثم أحاله بها المحتال عليه على ثالث له عليه ألف درهم برئ الأولان وكانت للطالب على الثالث.