فإن أسكنه فإنما هي عارية لم يملكه إياها فمتى شاء رجع فيها وكذلك إن حبس عليه ولو حلف أن لا يركب دابة العبد فركب دابة العبد لم يحنث لأنها ليست له إنما اسمها مضاف إليه (قال الشافعي) رحمه الله ولو قال مالي في سبيل الله أو صدقة على معاني الايمان فمذهب عائشة رضي الله عنها وعدة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وعطاء والقياس أن عليه كفارة يمين وقال من حنث في المشي إلى بيت الله ففيه قولان أحدهما قول عطاء كفارة يمين ومذهبه أن أعمال البر لا تكون إلا ما فرض الله أو تبررا يراد به الله عز وجل (قال الشافعي) والتبرر أن يقول لله على إن شفاني أن أحج نذرا فأما إن لم أفضك حقك فعلى المشي إلى بيت الله فهذا من معاني الايمان لا معاني النذور (قال المزني) رحمه الله قد قطع بأنه قول عدد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والقياس وقد قال في غير هذا الموضع لو قال لله على نذر حج إن شاء فلان فشاء لم يكن عليه شئ إنما النذر ما أريد به الله عز وجل ليس على معاني المعلق والشائي غير الناذر.
باب النذور (قال الشافعي) رحمه الله من نذر أن يمشى إلى بيت الله لزمه إن قدر على المشي وإن لم يقدر ركب وأهراق دما احتياطا من قبل أنه إذا لم يطق شيئا سقط عنه ولا يمشى أحد إلى بيت الله إلا أن يكون حاجا أو معتمرا وإذا نذر الحج ماشيا مشى حتى يحل له النساء ثم يركب وإذا نذر أن يعتمر ماشيا مشى حتى يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ويحلق أو يقصر ولو فاته الحج حل ماشيا وعليه حج قابل ماشيا ولو قال على أن أمشى لم يكن عليه المشي حتى يكون برا فإن لم ينو شيئا فلا شئ عليه لأنه ليس في المشي إلى غير مواضع التبرر بر وذلك مثل المسجد الحرام وأحب لو نذر إلى مسجد المدينة أو إلى بيت المقدس أن يمشى واحتج بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى " ولا يبين لي أن يجب كما يبين لي أن واجبا المشي إلى بيت الله وذلك أن البر بإتيان بيت الله عز وجل فرض والبر بإتيان هذين نافلة ولو نذر أن يمشى إلى مسجد مصر لم يجب عليه ولو نذر أن ينحر بمكة لم يجزئه بغيرها ولو نذر أن ينحره بغيرها لم يجزئه إلا حيث نذر لأنه وجب لمساكين ذلك البلد وإذا نذر أن يأتي إلى موضع من الحرم ماشيا أو راكبا فعليه أن يأتي الحرم حاجا أو معتمرا ولو نذر أن يأتي عرفة أو مرا أو منى أو قريبا من الحرم لم يلزمه ولو نذر أن يهدى متاعا لم يجزئه إلا أن يتصدق به على مساكين الحرم فإن كانت نيته أن يعلقه سترا على البيت أو يجعله في طيب البيت جعله حيث نواه وإذا نذر أن يهدى مالا يحمل من الأرضين والدور باع ذلك وأهدى ثمنه ومن نذر بدنة لم يجزئه إلا ثنى أو ثنية والخصي يجزى وإذا لم يجد بدنة فبقرة ثنية فإن لم يجد فسبع من الغنم تجزى ضحايا وإن كانت نيته على بدنة من الإبل لم يجزئه من البقر والغنم إلا بقيمتها ولو نذر عدد صوم صامه متفرقا أو متتابعا ولو نذر صيام سنة بعينها صامها إلا رمضان فإنه يصومه لرمضان ويوم الفطر والأضحى وأيام التشريق ولا قضاء عليه فيها وإن نذر سنة بغير عينها قضى هذه الأيام كلها وإن قال لله على أن أحج عامي هذا فحال بينه وبينه عدو أو سلطان فلا قضاء عليه وإن حدث به مرض أو خطأ عدد أو نسيان أو توان قضاه ولو قال لله على أن أصوم اليوم الذي يقدم فيه فلان فقدم ليلا فلا صوم عليه وأحب لو صام صبيحته ولو قدم نهارا هو فيه صائم تطوعا كان عليه قضاؤه لأنه نذر وقد يحتمل القياس أن