انقضت سنوه لم يكن لرب الأرض أن يقلع غرسه حتى يعطيه قيمته وقيمة ثمرته إن كانت فيه يوم يقلعه (قال الشافعي) رحمه الله ولرب الغراس إن شاء أن يقلعه على أن عليه ما نقص الأرض والغراس كالبناء إذا كان بإذن مالك الأرض مطلقا وما اكترى فاسدا وقبضها ولم يزرع ولم يسكن حتى انقضت السنة فعليه كراء المثل (قال المزني) رحمه الله القياس عندي وبالله التوفيق أنه إذا أجل له أجلا يغرس فيه فانقضى الاجل أو أذن له ببناء في عرصة له سنين وانقضى الاجل أن الأرض والعرصة مردودتان لأنه لم يعره شيئا فعليه رد ما ليس له فيه حق على أهله ولا يجبر صاحب الأرض على شراء غراس ولا بناء إلا أن يشاء والله عز وجل يقول " إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم " وهذا قد منع ماله إلا أن يشترى ما لا يرضى شراءه فأين التراضي (قال الشافعي) رحمه الله فإذا اكترى دارا سنة فغصبها رجل لم يكن عليه كراء لأنه لم يسلم له ما اكترى وإذا اكترى أرضا من أرض العشر أو الخراج فعليه فميا أخرجت الصدقة خاطب الله تعالى المؤمنين فقال " وآتوا حقه يوم حصاده " وهذا مال مسلم وحصاد مسلم فالزكاة فيه واجبة ولو اختلفا في اكتراء دابة إلى موضع أو في كرائها أو في إجارة الأرض تحالفا فإن كان قبل الركوب والزرع تحالفا وترادا وإن كان بعد ذلك كان عليه كراء المثل ولو قال رب الأرض بكراء وقال المزارع عارية فالقول قول رب الأرض مع يمينه ويقلع الزارع زرعه وعلى الزارع كراء مثله إلى يوم قلع زرعه وسواء كان في إبان الزرع أو غيره (قال المزني) رحمه الله هذا خلاف قوله في كتاب العارية في راكب الدابة يقول أعرتنيها ويقول بل أكريتكها إن القول قول الراكب مع يمينه وخلاف قوله في الغسال يقول صاحب الثوب بغير أجرة ويقول الغسال بأجرة أن القول قول صاحب الثوب وأولى بقوله الذي قطع به في كتاب المزارعة. وقد بينته في كتاب العارية.
إحياء الموات من كتاب وضعه بخطه لا أعلمه سمع منه (قال الشافعي) رحمه الله بلاد المسلمين شيئان عامر وموات فالعامر لأهله وكل ما صلح به العامر من طريق وفناء ومسيل ماء وغيره فهو كالعامر في أن لا يملك على أهله إلا بإذنهم والموات شيئان موات ما قد كان عامرا لأهله معروفا في الاسلام ثم ذهبت عمارته فصار مواتا فذلك كالعامر لأهله لا يملك إلا بإذنهم. والموات الثاني ما لا يملكه أحد في الاسلام يعرف ولا عمارة ملك في الجاهلية إذا لم يملك فذلك الموات الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من أحيا مواتا فهو له " وعطيته صلى الله عليه وسلم عامة لمن أحيا الموات أثبت من عطية من بعده من سلطان وغيره سواء كان إلى جنب قرية عامرة أو نهر أو حيث كان وقد أقطع النبي صلى الله عليه وسلم الدور فقال حي من بنى زهرة يقال لهم بنو عبد بن زهرة نكب عنا ابن أم عبد فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم " فلم ابتعثني الله إذن إن الله عز وجل لا يقدس أمة لا يؤخذ فيهم للضعيف حقه " وفي ذلك دلالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع بالمدينة بين ظهراني عمارة الأنصار من المنازل والنخل وإن ذلك لأهل العامر ودلالة على أن ما قارب العامر يكون منه موات والموات الذي للسلطان أن يقطعه من يعمره خاصة وأن يحمى منه ما يرى أن يحميه عاما لمنافع المسلمين والذي عرفنا نصا ودلالة فيما حمى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه حمى النقيع وهو بلد ليس بالواسع الذي إذا حمى ضاقت البلاد على أهل المواشي حوله وأضر بهم وكانوا يجدون فيما سواه من البلاد سعة لأنفسهم ومواشيهم وأنه قليل من كثير مجاوز للقدر وفيه صلاح لعامة المسلمين بأن تكون الخيل المعدة لسبيل الله تبارك وتعالى وما فضل من سهمان أهل أهل الصدقات وما فضل من النعم التي تؤخذ من الجزية ترعى جميعها فيه فأما الخيل فقوة لجميع المسلمين ومسلك