باب البيع قبل القبض (قال الشافعي) أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه " وقال ابن عباس أما الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الطعام أن يباع حتى يكتال وقال ابن عباس برأيه ولا أحسب كل شئ إلا مثله (قال الشافعي) وإذا نهى صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام حتى يقبض لأن ضمانه من البائع ولم يتكامل للمشترى فيه تمام ملك فيجوز به البيع كذلك قسنا عليه بيع العروض قبل القبض لأنه بيع ما لم يقبض وربح ما لم يضمن ومن ابتاعه جزافا فقبضه أن ينقله من موضعه وقد روى عمر وابن عمر أنهم كانوا يتبايعون الطعام جزافا فيبعث النبي صلى الله عليه وسلم من يأمرهم بنقله من الموضع الذي ابتاعوه فيه إلى موضع غيره ومن ورث طعاما كان له بيعه قبل أن يقبضه لأنه غير مضمون على غيره ولو أسلم في طعام وباع طعاما آخر فأحضر المشترى من اكتاله من بائعه وقال أكتاله لك لم يجز لأنه بيع الطعام قبل أن يقبض فإن قال أكتاله لنفسي وخذه بالكيل الذي حضرته لم يجز لأنه باع كيلا فلا يبرأ حتى يكيله لمشتريه ويكون له زيادته وعليه نقصانه وكذا روى الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الطعام حتى تجرى فيه الصيعان ولا يقبض الذي له طعام من طعام يشتريه لنفسه لأنه لا يكون وكيلا لنفسه مستوفيا لها قابضا منها (قال) ولو حل له عليه طعام فأحال به على رجل له عليه طعام أسلفه إياه لم يجز من قبل أن أصل ما كان له بيع وإحالته به بيع منه له بطعام على غيره ولو أعطاه طعام فصدقه في كيله لم يجز فإن قبض فالقول قول القابض مع يمينه فيما وجد ولو كان الطعام سلفا جاز أن يأخذ منه ما شاء يدا بيد.
باب بيع المصراة (قال الشافعي) أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تصروا الإبل والغنم للبيع فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين بعد أن يجلبها إن رضيها أمسكها وإن سخطها ردها وصاعا من تمر " (قال الشافعي) والتصرية أن تربط أخلاف الناقة أو الشاة ثم تترك من الحلاب اليوم واليومين والثلاثة حتى يجتمع لها لبن فيراه مشتريها كثيرا فيزيد في ثمنها لذلك ثم إذا حلبها بعد تلك الحلبة حلبة أو اثنتين عرف أن ذلك ليس بلبنها لنقصانه كل يوم عن أوله وهذا غرور للمشترى والعلم يحيط أن ألبان الإبل والغنم مختلفة في الكثرة والأثمان فجعل النبي صلى الله عليه وسلم بدلها ثمنا واحدا صاعا من تمر (قال) وكذلك البقر فإن كان رضيها المشترى وحلبها زمانا ثم أصاب بها عيبا غير التصرية فله ردها بالعيب ويرد معها صاعا من تمر ثمنا للبن التصرية ولا يرد اللبن الحادث في ملكه لأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى أن أن الخراج بالضمان.
باب الرد بالعيب (قال الشافعي) أخبرني من لا أتهم عن ابن أبي ذئب عن مخلد بن خفاف أنه ابتاع غلاما فاستغله ثم أصاب به عيبا فقضى له عمر بن عبد العزيز برده وغلته فأخبر عروة عمر عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في مثل هذا أن الخراج بالضمان فرد عمر قضاءه وقضى لمخلد بن خفاف برد الخراج (قال الشافعي) فبهذا نأخذ