ضرر عليهم وإن غزا لم يسهم له وواسع للإمام أن يأذن للمشرك أن يغزو معه إذا كانت فيه للمسلمين منفعة وقد غزا عليه السلام بيهود من بنى قينقاع بعد بدر وشهد معه صفوان حنينا بعد الفتح وصفوان مشرك (قال) وأحب أن لا يعطى المشرك من الفئ شيئا ويستأجر إجارة من مال لا مالك له بعينه وهو سهم النبي صلى الله عليه وسلم فإن أغفل ذلك الإمام أعطى من سهم النبي صلى الله عليه وسلم ويبدأ الإمام بقتال من يليه من الكفار وبالأخوف فإن كان الابعد الأخوف فلا بأس أن يبدأ به على معنى الضرورة التي يجوز فيها ما لا يجوز في غيرها وأقل ما على الإمام أن لا يأتي عام إلا وله في غزو بنفسه أو بسراياه على حسن النظر للمسلمين حتى لا يكون الجهاد معطلا في عام إلا من عذر ويغزى أهل الفئ كل قوم إلى من يليهم.
باب النفير، من كتاب الجزية والرسالة (قال الشافعي) رحمه الله: قال الله تعالى " إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما " وقال " لا يستوى القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون " إلى قوله " وكلا وعد الله الحسنى " فلما وعد القاعدين الحسنى دل أن فرض النفير على الكفاية فإذا لم يقم بالنفير كفاية حرج من تخلف واستوجبوا ما قال الله تعالى وإن كان فيهم كفاية حتى لا يكون النفير معطلا لم يأثم من تخلف لأن الله تعالى وعد جميعهم الحسنى وكذلك رد السلام ودفن الموتى والقيام بالعلم ونحو ذلك فإذا قام بذلك من فيه الكفاية لم يحرج الباقون وإلا حرجوا أجمعون.
جامع السير (قال الشافعي) الحكم في المشركين حكمان فمن كان منهم أهل أوثان أو من عبد ما استحسن من غير أهل الكتاب لم تؤخذ منهم الجزية وقوتلوا أو يسلموا لقول الله تبارك وتعالى " وقاتلوا المشركين حيث وجدتموهم " وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله " ومن كان منهم أهل كتاب قوتلوا حتى يسلموا أو يعطو الجزية عن يد وهم صاغرون فإن لم يعطوا قوتلوا وقتلوا وسبيت ذراريهم ونساؤهم وأموالهم وديارهم وكان ذلك كله فيئا بعد السلب (1) للقاتل في الأنفال قال ذلك الإمام أو لم يقله لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نفل أبا قتادة يوم حنين سلب قتيله وما نفله إياه إلا بعد تقضى الحرب ونفل محمد بن مسلمة سلب مرحب يوم خيبر ونفل يوم بدر عددا ويوم أحد رجلا أو رجلين أسلاب قتلاهم وما علمته صلى الله عليه وسلم حضر محضرا قط فقتل رجل قتيلا في الأقتال إلا نفله سلبه وقد فعل ذلك بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما (قال) ثم يرفع بعد السلب خمسه لأهله وتقسم أربعة أخماسه بين من حضر الوقعة دون من بعدها واحتج بأن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما قالا " الغنيمة لمن شهد الوقعة " (قال) ويسهم للبرذون كما يسهم للفرس سهمان وللفارس سهم ولا يعطى إلا لفرس واحد ويرضخ لمن لم يبلغ والمرأة والعبد والمشرك إذا قاتل ولمن أستعين به من المشركين ويسهم للتاجر إذا قاتل وتقسم الغنيمة في دار الحرب قسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث غنمها وهي دار حرب بنى المصطلق وحنين وأما ما احتج به أبو يوسف بأن النبي صلى الله عليه وسلم قسم غنائم بدر بعد قدومه المدينة وقوله الدليل على ذلك أنه أسهم لعثمان وطلحة ولم يشهدا بدرا فإن كان كما قال فقد خالف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعطى أحدا لم يشهد الوقعة ولم يقدم مددا عليهم في دار الحرب وليس كما قال (قال الشافعي) ما قسم عليه السلام غنائم بدر إلا بسير شعب من شعاب الصفراء قريب من بدر فلما تشاح أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في غنيمتها أنزل الله عز وجل