أن يبطل عن الجدة التي إنما حقها لحق الام وقد قضى أبو بكر على عمر رضي الله عنهما بأن جدة ابنه أحق به منه فإن قيل فما حق الام فيهم؟ قيل كحق الأب هما والدان يجدان بالولد فلما كان لا يعقل كانت الام أولى به على أن ذلك حق للولد لا للأبوين لأن الام أحنى عليه وأرق من الأب فإذا بلغ الغلام ولى نفسه إذا أونس رشده ولم يجبر على أن يكون عند أحدهما وأختار له برهما وترك فراقهما وإذا بلغت الجارية كانت مع أحدهما حتى تزوج فتكون مع زوجها فإن أبت وكانت مأمونة سكنت حيث شاءت ما لم تر ريبة وأختار لها أن لا تفارق أبويها (قال) وإذا اجتمع القرابة من النساء فتنازعن المولود فالأم أولى ثم أمها ثم أمهات أمها وإن بعدن ثم الجدة أم الأب ثم أمها ثم أمهاتها ثم الجدة أم الجد للأب ثم أمها ثم أمهاتها ثم الأخت للأب والام ثم الأخت للأب ثم الأخت للأم ثم الخالة ثم العمة ولا ولاية لام أبى الام لأن قرابتها بأب لا بأم فقرابة الصبي من النساء أولى ولاحق لاحد مع الأب غير الام وأمهاتها فأما أخواته وغيرهن فإنما حقوقهن بالأب فلا يكون لهن حق معه وهن يدلين به والجد أبو الأب يقوم مقام الأب إذا لم يكن أب أو كان غائبا أو غير رشيد وكذلك أبو أبي الأب وكذلك العصبة يقومون مقام الأب إذا لم يكن أقرب منهم مع الام وغيرها من أمهاتها وإذا أراد الأب أن ينتقل عن البلد إلى الذي نكح به المرأة كان بلده أو بلدها فسواء والقول قوله إذا قال أردت النقلة وهو أحق بالولد مرضعا كان أو كبيرا وكذلك العصبة إلا أن تخرج الام إلى ذلك البلد فتكون أولى ولا حق لمن لم تكمل فيه الحرية في ولد الحر وإذا كان ولد الحر مماليك فسيدهم أحق بهم وإذا كانوا من حرة وأبوهم مملوك فهي أحق بهم ولا يخيرون في وقت الخيار.
باب نفقة المماليك (قال الشافعي) رحمه الله: أخبرنا سفيان عن محمد بن عجلان عن بكر أو بكير بن عبد الله " المزني شك " عن عجلان أبى محمد عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " للملوك طعامه وكسوته بالمعروف ولا يكلف من من العمل ما لا يطيق (قال) فعلى مالك المملوك الذكر والأنثى البالغين إذا شغلهما في عمل له أن ينفق عليهما ويكسوهما بالمعروف وذلك نفقة رقيق بلدهما الشبع لأوساط الناس الذي تقوم به أبدانهم من أي الطعام كان قمحا أو شعيرا أو ذرة أو تمرا وكسوتهم كذلك مما يعرف أهل ذلك البلد أنه معروف صوف أو قطن أو كتان أي ذلك كان الأغلب بذلك البلد وكان لا يسمى مثله ضيقا بموضعه والجواري إذا كانت لهن فراهة وجمال فالمعروف أنهن يكسين أحسن من كسوة اللائي دونهن وقال ابن عباس في المملوكين أطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون (قال الشافعي) رحمه الله: هذا كلام مجمل يجوز أن يكون على الجواب فيسأل السائل عن مماليكه وإنما يأكل تمرا أو شعيرا ويلبس صوفا فقال أطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون والسائلون عرب ولبوس عامتهم وطعامهم خشن ومعاشهم ومعاش رقيقهم متقارب فأما من خالف معاش السلف فأكل رقيق الطعام ولبس جيد الثياب فلو آسى رقيقه كان أحسن وإن لم يفعل فله ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " نفقته وكسوته بالمعروف " فأما من لبس الوشى والمروى والخز وأكل النقي وألوان لحوم الدجاج فهذا ليس بالمعروف للمماليك وقال عليه السلام " إذا كفى أحدكم خادمه طعامه حره ودخانه فليدعه فليجلسه معه فإن أبى فليروغ له لقمة فيناوله إياها " أو كلمة هذا معناها فلما قال صلى الله عليه وسلم " فليروغ له لقمة " كان هذا عندنا والله أعلم على وجهين أولاهما بمعناه أن إجلاسه معه أفضل وإن لم يفعل فليس بواجب إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم " وإلا فليروغ له لقمة " لأن إجلاسه لو كان واجبا