فأعرض فقال " وكيف وقد زعمت السوداء أنها قد أرضعتكما؟ " (قال الشافعي) إعراضه صلى الله عليه وسلم يشبه أن يكون لم ير هذا شهادة تلزمه وقوله " وكيف وقد زعمت السوداء أنها قد أرضعتكما؟ " يشبه أن يكره له أن يقيم معها وقد قيل أنها أخته من الرضاعة وهو معنى ما قلنا يتركها ورعا لا حكما ولو قال رجل هذه أختي من الرضاعة أو قالت هذا أخي من الرضاعة وكذبته أو كذبها فلا يحل لواحد منها أن ينكح الآخر ولو أقر بذلك بعد عقد نكاحها فرق بينهما فإن كذبته أخذت نصف ما سمى لها ولو كانت هي المدعية أفتيته أن يتقى الله ويدع نكاحها بطلقة لتحل بها لغيره إن كانت كاذبة وأحلفه لها فإن نكل حلفت وفرقت بينهما.
باب رضاع الخنثى (قال الشافعي) رحمه الله: إن كان الأغلب من الخنثى أنه رجل نكح امرأة ولم ينزل فنكحه رجل فإذا نزل له لبن فأرضع به صبيا لم يكن رضاعا يحرم وإن كان الأغلب أنه امرأة فنزل له لبن من نكاح أو غيره فأرضع صبيا حرم وإن كان مشكلا فله أن ينكح بأيهما شاء وبأيهما نكح به أولا أجزته ولم أجعل له ينكح بالآخر.
وجوب النفقة للزوجة من كتاب النفقة ومن كتاب عشرة النساء ومن الطلاق ومن أحكام القرآن ومن النكاح إملاء على مسائل مالك (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: قال الله عز وجل " ذلك أدنى أن لا تعولوا " أي لا يكثر من تعولون (قال) وفيه دليل على أن على الزوج نفقة امرأته فأحب أن يقتصر الرجل على واحدة وإن أبيح له أكثر وجاءت هند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وأنه لا يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه سرا وهو لا يعلم فهل على في ذلك من جناح؟ فقال صلى الله عليه وسلم " خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف " وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله عندي دينار قال " أنفقه على نفسك " قال عندي آخر قال " أنفقه على ولدك " قال عندي آخر فقال " أنفقه على أهلك " قال عندي آخر قال " أنفقه على خادمك " قال عندي آخر قال " أنت أعلم " قال سعيد المقبري ثم يقول أبو هريرة إذا حدث بهذا الحديث يقول ولدك أنفق على إلى من تكلني؟ وتقول زوجتك أنفق على أو طلقني ويقول خادمك أنفق على أو بعني (قال الشافعي) رحمه الله تعالى في القرآن والسنة بيان أن على الرجل ما لا غنى بامرأته عنه من نفقة وكسوة وخدمة في الحال التي لا تقدر على ما لا صلاح لبدنها من زمانة ومرض إلا به (وقال) في كتاب عشرة النساء يحتمل أن يكون عليه لخادمها نفقة إذا كانت ممن لا تخدم نفسها وقال فيه أيضا إذا لم يكن لها خادم فلا يبين أن يعطيها خادما ولكن يجبر على من يصنع لها الطعام الذي لا تصنعه هي ويدخل عليها ما لا تخرج لادخاله من ماء وما يصلحها ولا يجاوز به ذلك (قال المزني) قد أوجب لها في موضع من هذا نفقة خادم وقاله في كتاب النكاح إملاء على مسائل مالك المجموعة وقاله في كتاب النفقة وهو بقوله أولى لأنه لم يختلف قوله أن عليه أن يزكي عن خادمها فكذلك ينفق عليها (قال المزني) رحمه الله: ومما يؤكد ذلك قوله لو أراد أن يخرج عنها أكثر من واحدة أخرجهن