والوطئ اختيار لفسخ البيع (قال المزني) وهذا عندي دليل على أنه إذا قال لامرأتين له إحداكما طالق فكان له الخيار فإن وطئ إحداهما أشبه أن يكون قد اختارها وقد طلقت الأخرى كما جعل الوطئ اختيارا لفسخ البيع (قال الشافعي) فإن مات أحدهما قبل أن يتفرقا فالخيار لوارثه وإن كانت بهيمة فنتجت قبل التفرق ثم تفرقا فولدها للمشترى لأن العقد وقع وهو حمل وكذلك كل خيار بشرط جائز في أصل العقد ولا بأس بنقد الثمن في بيع الخيار ولا يجوز شرط أكثر من ثلاث ولولا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخيار ثلاثة أيام في المصراة ولحبان ابن منقذ فيما اشترى ثلاثا لما جاز بعد التفرق ساعة ولا يكون للبائع الانتفاع بالثمن ولا للمشترى الانتفاع بالجارية فلما أجازه النبي صلى الله عليه وسلم على ما وصفناه ثلاثا اتبعناه ولم نجاوزه وذلك أن أمره يشبه أن يكون ثلاثا حدا.
باب الربا وما لا يجوز بعضه ببعض متفاضلا ولا مؤجلا والصرف سمعت المزني يقول (قال الشافعي) أخبرني عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن أيوب عن محمد بن سيرين عن مسلم بن يسار ورجل آخر عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الورق بالورق ولا البر بالبر ولا الشعير بالشعير ولا التمر بالتمر ولا الملح بالملح إلا سواء بسواء عينا بعين يدا بيد ولكن بيعوا الذهب بالورق والورق بالذهب والبر بالشعير والشعير بالبر والتمر بالملح والملح بالتمر يدا بيد كيف شئتم " (قال) ونقص أحدهما التمر والملح وزاد الآخر فمن زاد واستزاد فقد أربى (قال الشافعي) وهو موافق للأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصرف وبه قلنا وبها تركنا قول من روى عن أسامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إنما الربا في النسيئة لأنه مجمل وكل ذلك مفسر فيحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الربا أفي صنفين مختلفين ذهب بورق أو تمر بحنطة؟ فقال " الربا في النسيئة " فحفظه فأدى قول النبي صلى الله عليه وسلم ولم يؤدى المسألة (قال) ويحتمل قول عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم " الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء " يعطى بيد ويأخذ بأخرى فيكون الاخذ مع الاعطاء ويحتمل أن لا يتفرق المتبايعان من مكانهما حتى يتقابضا فلما قال ذلك عمر لمالك ابن أوس لا تفارقه حتى تعطيه ورقه أو ترد إليه ذهبه وهو راوي الحديث دل على أن مخرج " هاء وهاء " تقابضهما قبل أن يتفرقا والربا من وجهين. أحدهما في النقد بالزيادة وفي الوزن والكيل والآخر يكون في الدين بزيادة الاجل وإنما حرمنا غير ما سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم من المأكول المكيل والموزون لأنه في معنى ما سمى ولم يجز أن نقيس الوزن على الوزن من الذهب والورق لأنهما غير مأكولين ومباينان لما سواهما وهكذا قال ابن المسيب لا ربا إلا في ذهب أو ورق أو ما يكال أو يوزن مما يؤكل ويشرب (قال) وهذا صحيح ولو قسمنا عليهما الوزن لزمنا أن لا تسلم دينارا في موزون من طعام كما لا يجوز أن نسلم دينارا في موزون من ورق ولا أعلم بين المسلمين اختلافا أن الدينار والدرهم يسلمان في كل شئ ولا يسلم أحدهما في الآخر غير أن من الناس من كره أن يسلم دينارا أو درهما في فلوس وهو عندنا جائز لأنه لا زكاة فيها ولا في تبرها وإنها ليست بثمن للأشياء المتلفة وإنما أنظر في التبر إلى أصله والنحاس مما لا ربا فيه وقد أجاز عدد منهم إبراهيم النخعي السلف في الفلوس وكيف يكون مضروب الذهب دنانير ومضروب الورق دراهم في معنى الذهب والورق غير مضروبين ولا يكون مضروب النحاس فلوسا في معنى النحاس غير مضروب (قال الشافعي) ولا يجوز أن يسلف شيئا مما يكال أو يوزن من المأكول والمشروب في شئ منه وإن اختلف الجنسان جازا متفاضلين يدا بيد قياسا على الذهب الذي لا يجوز أن يسلف في الفضة والفضة التي لا يجوز أن تسلف في الذهب وكل ما خرج من