سقت الهدى ولجعلتها عمرة " (قال الشافعي) ومن قال إنه أفرد الحج يشبه أن يقول قاله على ما يعرف من أهل العلم (1) الذي أدرك وفد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أحدا لا يكون مقيما على حج إلا وقد ابتدأ إحرامه بحج وأحسب عروة حين حدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرم بحج ذهب إلى أنه سمع عائشة تقول يفعل في حجه على هذا المعنى وقال فيما اختلفت فيه الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في مخرجه ليس شئ من الاختلاف أيسر من هذا وإن كان الغلط فيه قبيحا من جهة أنه مباح لأن الكتاب ثم السنة ثم مالا أعلم فيه خلافا يدل على أن التمتع بالعمرة إلى الحج وإفراد الحج والقران واسع كله وثبت أنه خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظر القضاء فنزل عليه القضاء وهو فيما بين الصفا والمروة وأمر أصحابه أن من كان منهم أهل ولم يكن معه هدى أن يجعلها عمرة وقال " لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدى ولجعلتها عمرة " (فإن قال قائل) فمن أين أثبت حديث عائشة وجابر وابن عمر وطاوس دون حديث من قال قرن؟ (قيل) لتقدم صحبة جابر النبي صلى الله عليه وسلم وحسن سياقه لابتداء الحديث وآخره ولرواية عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم وفضل حفظها عنه وقرب ابن عمر منه ولان من وصف انتظار النبي صلى الله عليه وسلم القضاء إذ لم يحج من المدينة بعد نزول فرض الحج طلب الاختيار فيما وسع الله من الحج والعمرة يشبه أن يكون أحفظ لأنه قد أتى في المتلاعنين فانتظر القضاء كذلك حفظ عنه في الحج ينتظر القضاء (قال المزني) إن ثبت حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرن حتى يكون معارضا للأحاديث سواه فأصل قول الشافعي أن العمرة فرض وأداء الفرضين في وقت الحج أفضل من أداء فرض واحد لأن من كثر عمله لله كان أكثر في ثواب الله.
باب بيان التمتع بالعمرة وبيان المواقيت وغير ذلك (قال الشافعي) قال الله عز وجل " فمن تمتع بالعمرة إلى الحج " الآية فإذا أهل بالحج في شوال أو ذي القعدة أو ذي الحجة صار متمتعا فإن له أن يصوم حين يدخل في الحج وهو قول عمرو بن دينار (قال) وعليه أن لا يخرج من الحج حتى يصوم إذا لم يجد هديا وأن يكون آخر ماله من الأيام الثلاثة في آخر صيامه يوم عرفة لأنه يخرج بعد عرفة من الحج ويكون في يوم لا صوم فيه يوم النحر ولا يصام فيه ولا أيام منى لنهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها وأن من طاف فيها فقد حل ولم يجز أن أقول هذا في حج وهو خارج منه وقد كنت أراه وقد يكون من قال يصوم أيام منى ذهب عنه نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها (قال المزني) قوله هذا قياس لأنه لا خلاف في أن النبي صلى الله عليه وسلم سوى في نهيه عنها وعن يوم النحر فإذا لم يجز صيام يوم النحر لنهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه فكذلك أيام منى لنهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها (قال) ويصوم السبعة إذا رجع إلى أهله فإن لم يصم حتى مات تصدق عما أمكنه فلم يصمه عن كل يوم مدا من حنطة فإن لم يمت ودخل في الصوم ثم وجد الهدى فليس عليه الهدى وإن أهدى فحسن وحاضر والمسجد الحرام الذين لا متعة عليهم من كان أهله دون ليلتين وهو حينئذ أقرب المواقيت ومن سافر إليه صلى صلاة الحضر ومنه يرجع من لم يكن آخر عهده الطواف بالبيت حتى يطوف فإن جاوز ذلك إلى أن يصير مسافرا أجزأه دم.