منهما ولا أوجبهما ومن ترك واحدة منهما أسوأ حالا ممن ترك جميع النوافل (قال) وإن فاته الوتر حتى يصلى الصبح لم يقض قال ابن مسعود الوتر فيما بين العشاء والفجر (قال) فإن فاتته ركعتا الفجر حتى تقام الظهر لم يقض لأن أبا هريرة قال " إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة " وروى عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " صلاة الليل مثنى مثنى " وفي ذلك دلالتان. أحدهما: أن النوافل مثنى مثنى بسلام مقطوعة والمكتوبة موصولة والأخرى أن الوتر واحدة فيصلى النافلة مثنى مثنى قائما وقاعدا إذا كان مقيما وإن كان مسافرا فحيث توجهت به دابته كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى الوتر على راحلته أينما توجهت به (قال) فأما قيام شهر رمضان فصلاة المنفرد أحب إلى منه ورأيتهم بالمدينة يقومون بتسع وثلاثين وأحب إلى عشرون لأنه روى عن عمر وكذلك يقومون بمكة ويوترون بثلاث (قال) ولا يقنت في رمضان إلا في النصف الأخير وكذلك كان يفعل ابن عمر ومعاذ القارى (قال) وآخر الليل أحب إلى من أوله فإن جزأ الليل أثلاثا فالأوسط أحب إلى أن يقومه (قال المزني) قلت أنا في كتاب اختلافه ومالك قلت للشافعي أيجوز أن يوتر بواحدة ليس قبلها شئ؟ قال نعم والذي أختاره ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة والحجة في الوتر بواحدة السنة والآثار. روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة توتر له ما قد صلى " وعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة وأن ابن عمر كان يسلم بين الركعة والركعتين من الوتر حتى يأمر ببعض حاجته وأن عثمان كان يحيى الليل بركعة هي وتره وعن سعد بن أبي وقاص أنه كان يوتر بواحدة وأن معاوية أوتر بواحدة فقال ابن عباس أصاب (قال المزني) قلت أنا فهذا به أولى من قوله يوتر بثلاث وقد أنكر على مالك قوله لا يحب أن يوتر بأقل من ثلاث ويسلم بين الركعة والركعتين من الوتر واحتج بأن من سلم من اثنتين فقد فصلهما مما بعدهما وأنكر على الكوفي يوتر بثلاث كالمغرب فالوتر بواحدة أولى به (قال المزني) ولا أعلم الشافعي ذكر موضع القنوت من الوتر ويشبه قوله بعد الركوع كما قال في قنوت الصبح ولما كان من رفع رأسه بعد الركوع يقول " سمع الله لمن حمده " وهو دعاء كان هذا الموضع بالقنوت الذي هو دعاء أشبه ولان من قال يقنت قبل الركوع يأمره أنى يكبر قائما ثم يدعو وإنما حكم من كبر بعد القيام إنما هو للركوع فهذه تكبيرة زائدة في الصلاة لم تثبت بأصل ولا قياس.
باب فضل الجماعة والعذر بتركها (قال الشافعي) أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة " (قال الشافعي) ولا أرخص لمن قدر على صلاة الجماعة في ترك إتيانها إلا من عذر وإن جمع في بيته أو في مسجد وإن صغر أجزأ عنه والمسجد الأعظم وحيث كثرت الجماعات أحب إلى منه وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر مناديه في الليلة المطيرة والليلة ذات الريح أن يقول ألا صلوا في رحالكم وأنه صلى الله عليه وسلم قال " إذا وجد أحدكم الغائط فليبدأ به قبل الصلاة " قال فيه أقول لأن الغائط يشغله عن الخشوع قال فإذا حضر فطره أو طعام مطر وبه إليه حاجة وكانت نفسه شديدة التوقان إليه أرخصت له في ترك إتيان الجماعة (قال المزني) وقد احتج في موضع آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا وضع العشاء فأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء " (قال المزني) فتأوله على هذا المعنى لئلا يشغله منازعة نفسه عما يلزمه من فرض الصلاة.