الأثرة والتقدمة والتسوية بين أهل الغنى والحاجة ومن إخراج من أخرج منها بصفة ورده إليها بصفة (ومنها) في الحياة الهبات والصدقات غير المحرمات وله إبطال ذلك ما لم يقبضها المتصدق عليه والموهوب له فإن قبضها أو من يقوم مقامه بأمره فهي له ويقبض للطفل أبوه نحل أبو بكر عائشة رضي الله عنها جداد عشرين وسقا فلما مرض قال وددت أنك كنت قبضتيه وهو اليوم مال الوارث (ومنها) بعد الوفاة الوصايا وله إبطالها ما لم يمت.
باب العمرى من كتاب اختلافه ومالك (قال الشافعي) رحمه الله: أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن طاوس عن حجر المدري عن زيد بن ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه جعل العمرى للوارث ومن حديث جابر رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تعمروا ولا ترقبوا فمن أعمر شيئا أو أرقبه فهو سبيل الميراث " (قال الشافعي) رحمه الله:
وهو قول زيد بن ثابت وجابر بن عبد الله وابن عمر وسليمان وبن يسار وعروة بن الزبير رضي الله عنهم وبه أقول (قال المزني) رحمه الله: معنى قول الشافعي عندي في العمرى أن يقول الرجل قد جعلت داري هذه لك عمرك أو حياتك أو جعلتها لك عمري أو رقبى ويدفعها إليه فهي ملك للعمر تورث عنه إن مات.
باب عطية الرجل ولده (قال الشافعي) رحمه الله: أخبرنا مالك عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن وعن محمد بن النعمان ابن بشير يحدثانه عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن أباه أتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أكل ولدك نحلت مثل هذا؟ " قال لا فقال النبي صلى الله عليه وسلم " فارجعه " (قال الشافعي) رحمه الله: وسمعت في هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " أليس يسرك أن يكونوا في البر إليك سواء؟ " فقال بلى قال " فارجعه " (قال الشافعي) رحمه الله وبه نأخذ وفيه دلالة على أمور منها حسن الأدب في أن لا يفضل فيعرض في قلب المفضول شئ يمنعه من بره فإن القرابة ينفس بعضهم بعضا ما لا ينفس العدى ومنها أن إعطاءه بعضهم جائز ولولا ذلك لما قال صلى الله عليه وسلم " فارجعه " ومنها أن للوالد أن يرجع فيما أعطى ولده وقد فضل أبو بكر عائشة رضي الله عنهما بنخل وفضل عمر عاصما رضي الله عنهما بشئ أعطاه إياه وفضل عبد الرحمن بن عوف ولد أم كلثوم ولو اتصف حديث طاوس " لا يحل لواهب أن يرجع فيما وهب إلا والد فيما يهب لولده " لقلت به ولم أرد واهبا غيره وهب لمن يستثيب من مثله أو لا يستثيب (قال) وتجوز صدقة التطوع على كل أحد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يأخذها لما رفع الله من قدره وأبانه من خلقه إما تحريما وإما لئلا يكون لاحد عليه لأن معنى الصدقة لا يراد ثوابها ومعنى الهدية يراد ثوابها وكان يقبل الهدية ورأي لحما تصدق به على بريرة فقال " هو لها صدقة ولنا هدية ".