لأن تحريمها نص ومن شرب سواها من المنصف أو الخليطين فهو آثم ولا ترد شهادته إلا أن يسكر لأنه عند جميعهم حرام (قال الشافعي) وأكره اللعب بالنرد للخبر وإن كان يديم الغناء ويغشاه المغنون معلنا فهذا سفه ترد به شهادته وإن كان ذلك يقل لم ترد فأما الاستماع للحداء ونشيد الاعراب فلا بأس به قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للشريد " أمعك من شعر أمية شئ؟ " قال نعم قال " هيه " فأنشده بيتا فقال " هيه " حتى بلغت مائة بيت وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الحداء والرجز وقال لابن رواحة " حرك بالقوم " فاندفع يرجز (قال المزني) رحمه الله سمعت الشافعي يقول كان سعيد بن جبير يلعب بالشطرنج استدبارا فقلت له كيف يلعب بها استدبارا؟ قال يوليها ظهره ثم يقول " بأي شئ وقع " فيقول بكذا فيقول أوقع عليه بكذا (قال) وإذا كان هكذا كان تحسين الصوت بذكر الله والقرآن أولى محبوبا (قال الشافعي) رحمه الله وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " ما أذن الله لشئ كأذنه لنبي حسن الترنم بالقرآن " وسمع النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن قيس يقرأ فقال " لقد أوتى هذا من مزامير آل داود " (قال الشافعي) رحمه الله لا بأس بالقراءة بالألحان وتحسين الصوت بأي وجه ما كان وأحب ما يقرأ إلى حدرا وتحزينا (قال المزني) رحمه الله سمعت الشافعي يقول لو كان معنى يتغنى بالقرآن على الاستغناء لكان يتغانى وتحسين الصوت هو يتغنى ولكنه يراد به تحسين الصوت (وقال) وليس من العصبية أن يجب الرجل قومه والعصبية المحضة أو يبغض الرجل لأنه من بنى فلان فإذا أظهرها ودعا إليها وتألف عليها فمرود وقد جمع الله تبارك وتعالى المسلمين بالاسلام وهو أشرف أنسابهم فقال جل ثناؤه " إنما المؤمنون إخوة " وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كونوا عباد الله إخوانا " فمن خالف أمر الله عز وجل وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ردت شهادته والشعر كلام فحسنه كحسن الكلام وقبيحه كقبيحه وفضله على الكلام أنه سائر وإذا كان الشاعر لا يعرف بشتم الناس وأذاهم ولا يمتدح فيكثر الكذب المحض ولا يتشبب بامرأة بعينها ولا يشهرها بما يشينها فجائز الشهادة وإن كان على خلاف ذلك لم تجز ويجوز شهادة ولد الزنا في الزنا والمحدود فيما حد فيه والقروي على البدوي والبدوي على القروي إذا كانوا عدولا وإذا شهد صبي أو عبد أو نصراني بشهادة فلا يسمعها واستماعه لها تكلف وإن بلغ الصبي وأعتق العبد وأسلم النصراني ثم شهدوا بها بعينها قبلتها فأما البالغ المسلم أرد شهادته في الشئ ثم يحسن حاله فيشهد بها فلا أقبلها لأنا حكمنا بإبطالها وجرحه فيها لأنه من الشرط أن لا يختبر عمله قال ولو ترك الميت ابنين فشهد أحدهما على أبيه بدين فإن كان عدلا حلف المدعى وأخذ الدين من الاثنين وإن لم يكن عدلا أخذ من يدي الشاهد بقدر ما كان يأخذه منه لو جازت شهادته لأن موجودا في شهادته أن له في يديه حقا وفي يدي الجاحد حقا فأعطيته من المقر ولم أعطه من المنكر وكذلك لو شهد أن أباه أوصى له بثلث ماله.
باب الشهادة على الشهادة (قال الشافعي) وتجوز الشهادة على الشهادة بكتاب القاضي في كل حق للادميين مالا أو حدا أو قصاصا وفي كل حد لله قولان أحدهما أنه تجوز والآخر لا تجوز من قبل درء الحدود بالشبهات (قال) وإذا سمع الرجلان الرجل يقول أشهد أن لفلان على فلان ألف درهم ولم يقل لهما اشهدا على شهادتي فليس لهما أن يشهدا بها ولا للحاكم أن يقبلها لأنه لم يسترعهما إياها وقد يمكن أن يقول له على فلان ألف درهم وعده بها وإذا استرعاهما إياها لم يفعل إلا وهي عنده واجبة وأحب للقاضي أن لا يقبل هذا منه وإن كان على الصحة حتى يسأله من أين هي؟ فإن قال بإقرار