باب كيف اللعان من كتاب اللعان والطلاق وأحكام القرآن (قال الشافعي) رحمه الله ولما حكى سهل شهود المتلاعنين مع حداثته وحكاه ابن عمر رضي الله عنهما استدللنا على أن اللعان لا يكون إلا بمحضر من طائفة من المؤمنين لأنه لا يحضر أمرا يريد النبي صلى الله عليه وسلم ستره ولا يحضره إلا وغيره حاضر له وكذلك جميع حدود الزنا يشهدها طائفة من المؤمنين أقلهم أربعة لأنه لا يجوز في شهادة الزنا أقل منهم وهذا يشبه قول الله تعالى في الزانيين " وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين " وفي حكاية من حكى اللعان عن النبي صلى الله عليه وسلم جملة بلا تفسير دليل على أن الله تعالى لما نصب اللعان حكاية في كتابه فإنما لاعن صلى الله عليه وسلم بين المتلاعنين بما حكى الله تعالى في القرآن واللعان أن يقول الإمام للزوج قل أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به زوجتي فلانة بنت فلان من الزنا ويشير إليها إن كانت حاضرة ثم يعود فيقولها حتى يكمل ذلك أربع مرات ثم يقفه الإمام ويذكره الله تعالى ويقول إني أخاف إن لم تكن صدقت أن تبوء بلعنة الله فإن رآه يريد أن يمضى أمر من يضع يده على فيه ويقول إن قولك وعلى لعنة الله إن كنت من الكاذبين موجبة فإن أبى تركه وقال قل وعلى لعنة الله إن كنت من الكاذبين فيما رميت به فلانة من الزنا وإن قذفها بأحد يسميه بعينه واحدا أو اثنين أو أكثر قال مع كل شهادة إني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا بفلان أو فلان وفلان وقال عند الالتعان وعلى لعنة الله إن كنت من الكاذبين فيما رميتها به من الزنا بفلان أو بفلان وفلان (قال) وإن كان معها ولد فنفاه أو بها حمل فانتفى منه قال مع كل شهادة أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا وإن هذا الولد ولد زنا ما هو منى وإن كان حملا قال وإن هذا الحمل إن كان بها حمل لحمل من زنا ما هو منى فإن قال هذا فقد فرغ من الالتعان فإن أخطأ الإمام فلم يذكر نفى الولد أو الحمل في اللعان قال للزوج إن أردت نفيه أعدت اللعان ولا تعيد المرأة بعد إعادة الزوج اللعان إن كانت فرغت منه بعد التعان الزوج وإن أخطأ وقد قذفها برجل ولم يلتعن بقذفه فأراد الرجل حده أعاد عليه اللعان وإلا حد له إن لم يلتعن وقال في كتاب الطلاق من أحكام القرآن وفي الاملاء على مسائل مالك ولما حكم الله تعالى على الزوج يرمى المرأة بالقذف ولم يستثن أن يسمى من يرميها به أو لم يسمه ورمى العجلان امرأته بابن عمه أو بابن عمها شريك بن السحماء وذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أنه رآه عليها وقال في الطلاق من أحكام القرآن فالتعن ولم يحضر صلى الله عليه وسلم المرمى بالمرأة فاستدللنا على أن الزوج إذا التعن لم يكن على الزوج للذي قذفه بامرأته حد ولو كان له لاخذه له رسول الله صلى الله عليه وسلم ولبعث إلى المرمى فسأله فإن أقر حد وإن أنكر حد له الزوج وقال في الاملاء على مسائل مالك وسأل النبي صلى الله عليه وسلم شريكا فأنكر فلم يحلفه ولم يحده بالتعان غيره ولم يحد العجلاني القاذف له باسمه (وقال) في اللعان ليس للإمام إذا رمى رجل بزنا أن يبعث إليه فيسأله عن ذلك لأن الله يقول " ولا تجسسوا " فإن شبه على أحد أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أنيسا إلى امرأة رجل فقال " إن اعترفت فارجمها " فتلك امرأة ذكر أبو الزاني بها أنها زنت فكان يلزمه أن يسأل فإن أقرت حدت وسقط الحد عمن قذفها وإن أنكرت حد قاذفها وكذلك لو كان قاذفها زوجها (قال) ولما كان القاذف لامرأته إذا التعن لو جاء المقذوف بعينه لم يؤخذ له الحد لم يكن لمسألة المقذوف معنى إلا أن يسأل ليحد ولم يسأله صلى الله عليه وسلم وإنما سأل المقذوفة والله عز وجل أعلم للحد الذي يقع لها إن لم تقر بالزنا
(٢١٠)