كان على الاسلام فقد رددت أمان عبد مسلم لا يقاتل قال فإن كان القتل يدل على هذا؟ قلت ويلزمك في أصل مذهبك أن لا تجيز أمان امرأة ولا زمن لأنهما لا يقاتلان وأنت تجيز أمانهما (قال) فأذهب إلى الدية فأقول دية العبد لا تكافئ دية الحر قلت فهذا أبعد لك من الصواب (قال) ومن أين؟ قلت دية المرأة نصف دية الحر وأنت تجيز أمانها ودية بعض العبيد أكثر من دية المرأة ولا تجيز أمانه وقد تكون دية عبد لا يقاتل أكثر من دية عبد يقاتل فلا تجيز أمانه فقد تركت أصل مذهبك (قال) فإن قلت إنما عنى مكافأة الدماء في القود قلت فأنت تقيد بالعبد الذي لا يسوى عشرة دنانير الحر الذي ديته ألف دينار كان العبد يحسن قتالا أو لا يحسنه قال إني لافعل وما هو على القود قلت ولا على الدية ولا على القتال قال فعلام هو؟ قلت على اسم الاسلام وقال بعض الناس إذا امتنع أهل البغى بدراهم من أن يجرى الحكم عليهم فما أصابه المسلمون من التجار والأسرى في دارهم من حدود الناس بينهم أو لله لم تؤخذ منهم ولا الحقوق بالحكم وعليهم فيما بينهم وبين الله تعالى تأديتها إلى أهلها قلت فلم قتلته؟
قال قياسا على دار المحاربين يقتل بعضهم بعضا ثم يظهر عليهم فلا يقاد منهم قلت هم مخالفون للتجار والأسرى في المعنى الذي ذهبت إليه خلافا بينا أرأيت لو سبى المحاربون بعضهم بعضا ثم أسلموا أندع السابي يتخول المسبى مرقوقا له قال نعم قلت أفتجيز هذا في التجار والأسرى في دار أهل البغى؟ قال لا قلت فلو غزانا أهل الحرب فقتلوا منا ثم رجعوا مسلمين أيكون على أحد منهم قود؟ قال لا قلت فلو فعل ذلك التجار والأسرى ببلاد الحرب غير مكرهين ولا شبه عليهم؟ قال يقتلون قلت أيسع قصد قتل التجار والأسرى ببلاد الحرب فيقتلون؟ قال بل يحرم قلت أرأيت التجار والأسرى لو تركوا الصلاة والزكاة في دار الحرب ثم خرجوا إلى دار الاسلام أيكون عليهم قضاء ذلك؟
قال: نعم قلت ولا يحل لهم في دار الحرب إلا ما يحل لهم في دار الاسلام؟ قال لا قلت فإذا كانت الدار لا تغير ما أحل لهم وحرم عليهم فكيف أسقطت عنهم حق الله وحق الآدميين الذي أوجبه الله عليهم؟ ثم أنت لا تحل لهم حبس حق قبلهم في دم ولا غيره وما كان لا يحل لهم حبسه فإن على الإمام استخراجه عندك في غير هذا الموضع؟ قال فأقيسهم بأهل الردة الذين أبطل ما أصابوا قلت فأنت تزعم أن أهل البغى يقاد منهم ما لم ينصبوا إماما ويظهروا حكما والتجار والأسارى لا إمام لهم ولا امتناع ونزعم لو قتل أهل البغى بعضهم بعضا بلا شبهة أقدت منهم قال ولكن الدار ممنوعة من أن يجرى عليهم الحكم قلت أرأيت لو أن جماعة من أهل القبلة محاربين امتنعوا في مدينة حتى لا يجرى عليهم حكم فقطعوا الطريق وسفكوا الدماء وأخذوا الأموال وأتوا الحدود؟ قال يقام هذا كله عليهم قلت فهذا ترك معناك وقلت له أيكون على المدنيين قولهم لا يرث قاتل عمد ويرث قاتل خطأ إلا من الدية؟ فقلت لا يرث القاتل في الوجهين لأنه يلزمه اسم قاتل فكيف لم تقل بهذا في القاتل من أهل البغى والعدل لأن كلا يلزمه اسم قاتل وأنت تسوى بينهما فلا تقيد أحدا بصاحبه؟
باب حكم المرتد (قال الشافعي) رحمه الله: ومن ارتد عن الاسلام إلى أي كفر كان مولودا على الاسلام أو أسلم ثم ارتد قتل وأي كفر ارتد إليه مما يظهر أو يسر من الزندقة ثم تاب لم يقتل فإن لم يتب قتل امرأة كانت أو رجلا عبدا كان أو حرا (وقال في الثاني) في استتابته ثلاثا قولان أحدهما حديث عمر يتأنى به ثلاثا والآخر لا يؤخر لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر فيه بأناة وهو لو تؤنى به بعد ثلاث كهيئته قبلها.