بالنسيان ولما في ذلك من براءات الذمم بعد الموت لا غير وكل أمر ندب الله إليه فهو الخير الذي لا يعتاض منه من تركه وقد حفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه بايع أعرابيا فرسا فجحده بأمر بعض المنافقين ولم يكن بينهما إشهاد فلو كان حتما ما تركه صلى الله عليه وسلم.
باب عدة الشهود وحيث لا يجوز فيه النساء وحيث يجوز وحكم القاضي بالظاهر (قال الشافعي) ودل الله جل ثناؤه على أن لا يجوز في الزنا أقل من أربعة لقوله " لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء " وقال سعد يا رسول الله أرأيت لو وجدت مع امرأتي رجلا أمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟ فقال " نعم ":
وجلد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثلاثة لما لم يقم الرابع وقال الله جل ثناؤه في الامساك والفراق " وأشهدوا ذوي عدل منكم " فانتهى إلى شاهدين ودل على ما دل قبله من نفى أن يجوز فيه إلا رجال لا نساء معهم لأنه لا يحتمل إلا أن يكونا رجلين وقال الله جل ثناؤه في آية الدين " فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان " ولم يذكر في شهود الزنا ولا الفراق ولا الرجعة امرأة ووجدنا شهود الزنا يشهدون على حد لا مال والطلاق والرجعة تحريم بعد تحليل وتثبيت تحليل لا مال والوصية إلى الموصى إليه قيام بما أوصى به إليه لا أن له مالا ولا أعلم أحدا من أهل العلم خالف في أنه لا يجوز في الزنا إلا الرجال وأكثرهم قال ولا في الطلاق ولا في الرجعة إذا تناكر الزوجان وقالوا ذلك في الوصية فكان ذلك كالدلالة على ظاهر القرآن وكان أولى الأمور بأن يصار إليه ويقاس عليه والدين مال فما أخذ به المشهود له مالا جازت فيه شهادة النساء مع الرجال وما عدا ذلك فلا يجوز فيه إلا الرجال (قال الشافعي) رحمه الله: وفي قول الله تبارك وتعالى " فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان " وقال " أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى " دلالة على أن لا تجوز شهادة النساء حيث يجزن إلا مع الرجل ولا يجوز منهن إلا امرأتان فصاعدا وأصل النساء أنه قصر بهن عن أشياء بلغها الرجال أنهم جعلوا قوامين عليهن وحكاما ومجاهدين وأن لهم السهمان من الغنيمة دونهن وغير ذلك فالأصل أن لا يجزن فإذا أجزه في موضع لم يعد بهن ذلك الموضع وكيف أجازهن محمد بن الحسن في الطلاق والعتاق وردهن في الحدود (قال الشافعي) رحمه الله:
وفي إجماعهم على أن لا يجزن على الزنا ولم يستبن في الاعواز من الأربعة دليل على أن لا يجزن في الوصية إذ لم يستنبن في الاعواز من شاهدين وقال بعض أصحابنا إن شهدت امرأتان لرجل بمال حلف معهن ولقد خالفه عدد أحفظ ذلك عنهم من أهل المدينة وهذا إجازة النساء بغير رجل فيلزمه أن يجيز أربعا فيعطى بهن حقا فإن قال إنهما مع يمين رجل فيلزمه أن لا يجيزهما مع يمين امرأة فيهما واحد (قال الشافعي) رحمه الله: وكان القتل والجراح وشرب الخمر والقذف مما لم يذكر فيه عدد الشهود فكان ذلك قياسا على شاهدي الطلاق وغيره مما وصفت (قال) ولا يحل الحاكم الأمور عما هي عليه أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يقضى بالظاهر ويتولى الله عز وجل السرائر فقال " من قضيت له من حق أخيه بشئ فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار " فلو شهدا بزور أن رجلا طلق امرأته ثلاثا ففرق الحكام بينهما كانت له حلالا غير أنا نكره أن يطأها فيحدا ويلزم من زعم أن فرقته فرقة تحرم بها على الزوج ويحل لاحد الشاهدين أن يتزوجها فيما بينه وبين الله عز وجل أن يقول لو شهدا له بزور أن هذا قتل ابنه عمدا فأباح له الحاكم دمه أن يريق دمه ويحل له فيما بينه وبين الله عز وجل.