باب ما يلزم عند الاحرام وبيان الطواف والسعي وغير ذلك (قال الشافعي) وأحب للمحرم أن يغتسل من ذي طوى لدخول مكة ويدخل من ثنية كدا وتغتسل المرأة الحائض لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أسماء بذلك وقوله عليه السلام للحائض " افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت " (قال) فإذا رأى البيت قال " اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة وزد من شرفه وعظمه ممن حجه أو اعتمره تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة " (وقال) وتقول " اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام " ويفتتح الطواف بالاستلام فيقبل الركن الأسود ويستلم اليماني بيده ويقبلها ولا يقبله لأني لم أعلم روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قبل إلا الحجر الأسود واستلم اليماني وأنه لم يعرج على شئ دون الطواف ولا يبتدئ بشئ غير الطواف إلا أن يجد الإمام في المكتوبة أو يخاف فوت فرض أو ركعتي الفجر (قال) ويقول عند ابتدائه الطواف والاستلام " باسم الله والله أكبر اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم " ويضطبع للطواف لأن النبي صلى الله عليه وسلم اضطبع حين طاف ثم عمر (قال) والاضطباع أن يشتمل بردائه على منكبه الأيسر ومن تحت منكبه الأيمن فيكون منكبه الأيمن مكشوفا حتى يكمل سعيه والاستلام في كل وتر أحب إلى منه في كل شفع (قال الشافعي) ويرمل ثلاثا ويمشى أربعا ويبتدئ الطواف من الحجر الأسود ويرمل ثلاثا لأن النبي صلى الله عليه وسلم رمل من الحجر الأسود حتى انتهى إليه ثلاثا والرمل هو الخبب لا شدة السعي والدنو من البيت أحب إلى وإن لم يمكنه الرمل وكان إذا وقف وجد فرجة وقف ثم رمل فإن لم يمكنه أحببت أن يصير حاشية في الطواف إلا أن يمنعه كثرة النساء فيتحرك حركة مشيه متقاربا ولا أحب أن يثب من الأرض وإن ترك الرمل في الثلاث لم يقض في الأربع وإن ترك الاضطباع والرمل والاستلام فقد أساء ولا شئ عليه وكلما حاذى الحجر الأسود كبر وقال في رمله " اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا وسعيا مشكورا " ويقول في سعيه " اللهم اغفر وارحم واعف عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " ويدعو فيما بين ذلك بما أحب من دين ودنيا ولا يجزئ الطواف إلا بما تجزئ به الصلاة من الطهارة من الحدث وغسل النجس فإن أحدث توضأ وابتدأ وإن بنى على طوافه أجزأه وإن طاف فسلك الحجر أو على جدار الحجر أو على شاذروان الكعبة لم يعتد به في الطواف وإن نكس الطواف لم يجزه بحال (قال المزني) الشاذروان تأزير البيت خارجا عنه وأحسبه على أساس البيت لأنه لو كان مباينا لأساس البيت لأجزأه الطوف عليه (قال الشافعي) فإذا فرغ صلى ركعتين خلف المقام يقرأ في الأولى بأم القرآن و " قل يا أيها الكافرون " وفي الثانية بأم القرآن و " قل هو الله أحد " (قال الشافعي) ثم يعود إلى الركن فيستلمه ثم يخرج من باب الصفا فيرقى عليها فيكبر ويهلل ويدعو الله فيما بين ذلك بما أحب من دين ودنيا ثم ينزل فيمشي حتى إذا كان دون الميل الأخضر المعلق في ركن المسجد بنحو من ستة أذرع سعى سعيا شديدا حتى يحاذي الميلين الأخضرين اللذين بفناء المسجد ودار العباس ثم يمشى حتى يرقى على المروة فيصنع عليها كما صنع على الصفا حتى يتم سبعا يبدأ بالصفا ويختم بالمروة فإن كان معتمرا وكان معه هدى نحر وحلق أو قصر والحلق أفضل وقد فرغ من العمرة ولا يقطع المعتمر التلبية حتى يفتتح الطواف مستلما أو غير مستلم وهو قول ابن عباس وليس على النساء حلق ولكن يقصرن وإن كان حاجا أو قارنا أجزأه طواف واحد لحجه وعمرته لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة وكانت قارنة " طوافك يكفيك لحجك وعمرتك " غير أن على القارن الهدى لقرانه ويقيم على إحرامه
(٦٧)